من قصص الأطفال:
ملكة جمالِ الحشراتِ
بقلم: خلود الشاوي / العراق
تدقيق: وفاء الزعبي
على شجرة الغابةِ الكبيرةِ، عُلِّقَ إعلانٌ لاختيارِ ملكة جمال الحشرات. قرأَتِ النملة الإعلانَ فبدَتْ عليها علاماتُ الحزنِ والحسرةِ؛ لأنها شاركت مرّاتٍ عديدة ولم يحالفْها الحظُّ؛ ففكرَت ألّا تشاركَ مرةً أخرى . وكانت تخسر بسبب لونها وشكلها، واللجنة -طبعًا- تختارُ الحشراتِ الجميلاتِ ذوات الألوان البرّاقة.
وظلّت فكرةُ عدمِ المشاركةِ مسيطرةً على عقلها حتى تذكّرت مقولةَ جدتها: “النجاح هو التمسّكُ والمواصلة والمثابرة لنيل ما نصبو إليه.”
عقدت النملة العزمَ على أن تأخذَ بنصيحةِ جدتها وتعاودَ الكرَّةَ؛ فخطرت ببالها فكرةٌ جميلةٌ لعلها تُعجِبُ لجنةَ التحكيم.
بدأت تبحث في الغابة عن ألوان برّاقةٍ تزيدُها رونقًا وجمالًا؛ فقطعت بعض وريقاتِ الأشجار، ثم قطفت باقةً من الأزهار الملوّنةِ الجميلة، واكتملت زينتها بريشةٍ أهداها إياها الببّغاءُ.
عادت النملة إلى البيت، وهي فرحةٌ مستبشرةٌ. خاطت فستانًا من ورق الأشجار، وطرَّزته ببتلاتِ الورود والأزهار، ثم أضافت له أجنحةً نسجتها من أغصانِ الأشجار، وأخيرًا صنعَت بنفسها طوقًا ملوّنًا من ريشةِ الببّغاء.
ارتدت ملابسها، ووقفت أمام المرآةِ، سُرَّت بهيئتِها وانطلقت إلى مكان المسابقة. لكنّ الطقس عكَّر صفوها، وخيَّب آمالَها؛ إذ هبّت رياحٌ عاتيةٌ وأمطرت السماءُ بغزارةٍ؛ فتمزّقت ثيابُها، وسقط طوقها في بركة الماءِ الموحلةِ، لكنها ظلت تواصل سيرها متمسّكةً بالأمل حتى وصلت في اللحظة الأخيرة من المسابقة.
ضحكت الفراشات والنحلات والدعاسيق من منظرها، وهنّ يتباهَيْنَ بجمالهنَّ.
طأطأتِ النملة رأسها، وسألت دموعُها حزنًا وألمًا على ما أصابها، وقالت في سِرِّها: “لن أفوزَ هذه المرة أيضًا، يا لَحظّي التعيس!”
رحبّت بها لجنةُ التحكيم، واستقبلَتْها استقبالًا حارًّا وبادرها أحدُ الأعضاءِ قائلًا: “ليس الجمالُ بأثوابٍ تزيِّنُنا، فلقد منحك الله قدًّا جميلًا ولونًا رائعًا، ولم يبقَ أمامك إلّا السؤال الفكريّ حتى نحدّدَ الفائزَ.
النملة: وما هو هذا السؤال الفكري؟
أحد الأعضاء: ماذا يعني لكِ النجاح؟
النملة: النجاح… هو التّمسّك والمثابرة والمواصلة لنيلِ ما نصبو إليه.
صفق الأعضاءُ جميعُهم للنملة، معلنين فوزها ونيلها لقب (ملكة جمال الحشرات)؛ لأنها تحدّت الطروف القاسيةَ ،وواصلت سيرَها بلا تردد.
وهكذا يا أصدقائي، نتعلّمُ من هذه الحشرة الصغيرة درسًا مهما في الحياة وهو: ضرورة تحدّي الصعاب حتى نصل لأهدافنا.
———————————————