من قصص الأطفال:
قصة: حِمْلُ الجَمَاعةِ رِيشٌ
تأليف: سعيدة الزّارعي – تونس


الأزهار في كلّ مكان بألوانها الجميلة المختلفة ورائحتها العطرة..
والأطفال ينتشرون هنا وهناك بين الشُّجيرات وهم يلعبون ويضحكون..
ويحدثون ضجيجا مبهجا لقلوب الأمّهات اللّواتي أحضرن أطفالهنّ إلى المتنزّه.


وكانت “أمل” من بين الأمّهات وقد أحضرت معها ابنها “أحمد”..
وافترشت على العشب بساطا وجلست بصحبة ابنها بعد أن أخرجت من سلّة الطّعام عصير فواكه طازجا وشطائر ومرطّبات..
وأخذت تنظر بسعادة إلى اِبنها وهو يأكل بشهيّة ويحدث فوضى من فتافيت الطّعام!
ولم تشأ “أمل” أن تعاتبه مثلما تفعل كثيرا في المنزل وقرّرت أن تجعله يستمتع بكامل الحرّيّة لهذا اليوم.


لاحظت الأمّ أنّ ابنها توقّف عن الأكل وأخذ يراقب عن كثب نملة تحاول جرّ قطعة من المرطّبات تفوق أضعاف حجمها!
ورغم ذلك لم تكفّ النّملة عن تكرار محاولاتها الفاشلة وهي تطوف بقطعة المرطّبات من كلّ الجهات!


نظر “أحمد” إلى أمّه ضاحكا، وقال: “ماما.. النّملة تظنُّ أنّها بطلة في حَمل الأثقال!”
وكأنّ النّملة سمعت “أحمد” وهو يهزأ منها فكفّت فجأة عن المحاولة، وابتعدت عن قطعة المرطّبات مغادرة المكان!
انشغل “أحمد” بشرب كأس من العصير بعد أن قال: ” بسم الله “
ثمّ أكمله وقال: ” الحمد لله “…
وعندما وضع الكأس على البساط شاهد سربا من النّمل يطوف بقطعة المرطّبات ثمّ حملها في غاية اليسر وغادر المكان بخفّة!


فتح “أحمد” فمه مندهشا فضحكت أمّه وقالت له: “رأيت يا بنيّ لقد ذهبت النّملة لإحضار المعونة!”.
قال “أحمد “: ” نعم يا أمّي هل رأيت كيف حمل النّمل قطعة المرطّبات الكبيرة بكلّ سهولة!”.
فأجابت الأمّ: ” نعم يا بُنيّ، فالمثل يقول: (حِمْلُ آلْجَمَاعَةِ رِيشٌ)، ويقول الرّسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه: (يَدُ اللهِ مَعَ آلْجَمَاعَةِ)، وهكذا تُعلّمنا النّملة درسا في العمل الجماعيّ .. والآن لنغادر المكان فقد حلّ المساء ولكن علينا قبل ذلك أن نُنَظّف المكان”.


وتعاون كُلٌّ من الأمّ وابنها على إعادة المواعين إلى سلّة الطّعام وإلقاء الفضلات في سلّة المهملات.. وغادرا المتنزّه بكلّ الحبّ الذي يجمع أُمًّا بابنها الحبيب.


———————————————