قطزول المضياف
“قصة من أدب الأطفال الكازاخستاني”
تأليف: بورجان غوبيدولين
ترجمة: أحمد صلاح المهدي
تدقيق لغوي : د. علياء الداية
عن المؤلّف: بورجان غوبيدولين


بورجان غوبيدولين هو كاتب وصحفي كازاخستاني، ولد سنة 1965 في قرية قيزيلجار في مقاطعة كازاخستان الغربية. صدرت له خمسة كتب، ثلاثة منهاللأطفال، و مجموعة قصصية للكبار، ومجموعة من الكتابات الصحفية.
هو عضو في اتحاد كتاب كازاخستان وعضو في اتحاد الصحفيين الكازاخستانيين. تُرجمت قصصه القصيرة إلى الإنجليزية والفرنسية والفارسية والروسية والبنغالية والقيرغيزية وغيرها من اللغات. وأقدّم لكم اليوم ترجمتي لثلاث من قصصه الموجهة للأطفال.
أحمد صلاح المهدي
عن المترجم: أحمد صلاح المهدي
أحمد صلاح المهدي، كاتب ومترجم وناقد مصري، نشرت له خمس روايات ما بين الفانتازيا والخيال العلمي وأدب اليافعين، ترجمت اثنتان منها إلى اللغة الإنجليزية وهما “ريم” و”وملاذ: مدينة البعث”، ونُشر له عدد من القصص القصيرة والمقالات الأدبية والنقدية باللغتين العربية والإنجليزية، وترجمت بعضها إلى لغات أخرى كالرومانية والإسبانية.
——————————
قصة: قطزول المضياف


اضطررنا هذا العام للاعتناء بكلبين، واحدًا تلو الآخر. لجعل الأمر واضحًا دعني أشرح لك كل شيء من البداية.
بدأ أبي في بناء داتشا (بيت ريفي) في أوائل الربيع. أولًا وضع أسيجة حول الأرض التي تخصنا، ثم صب أساسات البيت بمساعدة أصدقائه. بعدها أدركنا أن الوقت قد حان لرمي بذور الحديقة، لذا في الأيام التالية زرعنا أشجار الفاكهة مثل التفاح والبرقوق والكرز، وزرعنا الخضروات مثل الطماطم والخيار والشمام والبطيخ واليقطين والبطاطا.
ثم قرر الأب أننا بحاجة إلى كلب كي يحرس الداتشا. كنت سعيدًا للغاية عندما سمعت هذا، لأننا نعيش في بيت متعدد الطوابق ولم تتح لي حتى ذلك الوقت الفرصة لتربية كلب. كان هذا هو حلمي الكبير، وها هو حلمي سيتحقق!
علينا فقط أن نجد جروًا. سرعان ما سمعت أن كلبة الألبي1 التي يمتلكها أخي ـ الذي يعيش في القرية ـ قد ولدت خمسة جراء، وعندما ذهبنا إلى الريف، أخذت أحد الجراء وجلبته معي إلى المدينة.


كان على رقبة الجرو خط أبيض مثل الدانتيل الأبيض، لذلك قررنا تسميته مويناق2. كان جروًا لطيفًا للغاية ككل الجراء، لكنه كان شرهًا للغاية، لأن سلالته ضخمة الحجم. كان معتادًا على مد قائمتيه الأماميتين داخل الطبق بينما يتناول طعامه، فيبتلعه مباشرةً بدلًا من مضغه. كان هذا مضحكًا بالنسبة لي. لم يكن ينبح كثيرًا، رغم أنه يأكل كثيرًا، وينام مويناق دومًا كلما كانت معدته مليئة بالطعام.
في شهر يوليو ذهبنا إلى أعمامنا في شيمكنت3. طلبنا من جيراننا الاعتناء بالداتشات ومويناق حتى عودتنا. قضينا أسبوعين في شيمكنت كالمعتاد، فاستمتعت بكل شيء في المدينة، وزرنا بيوت كل أقربائي هناك. حتى إننا زرنا طشقند4، ولكن منذ اليوم الأول في السفر لم أستطع أن أنسى مويناق. “ما الذي يفعله؟ هل كبر؟ أليس جائعًا؟”. ولكن لم أكن أعرف أن قلقي في غير محله، فقد ضاع مويناق في اليوم التالي لسفرنا بالقطار. شعرت بالحزن لسماع هذا.


بحث عنه جيراننا في كل مكان، ولكنهم لم يستطيعوا العثور عليه.
تمتم أحد الجيران: “سيصير كلبًا ضخمًا، أتمنى أن أحدًا قد سرقه”.
بعد عودتنا إلى البيت بحثت عن مويناق، ولكني لم أستطع العثور عليه، ثم قررنا أن نجلب جروًا آخر، وهذه المرة من سلالة تقليدية. أسميناه قطزول، وكنا نربطه بسلسلة كيلا يضيع كما ضاع مويناق. كلما أطلقنا سراح قطزول من السلسلة كان يجري ويلعب كالمُهر5. اتضح أن جرونا الثاني رشيق الحركة، دومًا ما ينبح في وجه الغرباء، ودومًا ما يلعب معنا. وكان من سمات جرونا أيضًا أنه لا يأكل كثيرًا. كانت الطيور كالعصافير والغربان والعَقْعَق6 تأكل ما يتبقى من طعامه. كان قطزول المضياف يجلس ويراقب الطيور وهي تأكل الطعام. أعجبني تواضع جروي، ولكن أحيانًا ما أشعر بالقلق على مويناق الشَّرِه. “ما الذي حدث له؟ هل هو على قيد الحياة؟ وإن كان حيًّا فمن يربيه؟”.
—–
1. نوع من كلاب الحراسة موطنه آسيا الوسطى.
2. تعني بالعربية العنق الأبيض.
3.عاصمة مقاطعة جنوب كازاخستان.
4. عاصمة أوزبكستان وأكبر مدنها.
5. المُهر هو صغير الفرس والحصان.
6. العَقْعَقُ هو طائر من فصيلة الغربان.
—————-