Skip to content Skip to footer

هُنا أَرْضِي وَلَو بِخَيْمَة! “قصة للأطفال” بقلم: وفاء إسماعيل المبيض – رسوم: مروة راشد

احفظ هذه الصفحة في قائمة "المفضّلة" الخاصّة بك - فضّله (0)

لبيس لديك حساب في موقع كيدززون؟ قم بإنشاء حساب

من قصص الأطفال:

قصة: هُنا أَرْضِي وَلَو بِخَيْمَة!

للكاتبة: وفاء إسماعيل المبيض – فلسطين، مدينة غزة

رسوم: مروة راشد

تم نشر القصة ضمن العدد الرابع من مجلة: غيمة الفصلية للأطفال واليافعين

في بيتٍ حجارتُه قدسية، تحيط به أشجار الزيتون من كل جانب، كان يعيشُ الجد نظمي مع حفيده قاسم، لا يفترقان أبداً.

كان قاسم وجده يستيقظان كل صباحٍ على صوت الطيور المغرّدة، يتناولان طعام الفطور تحت ظلال شجر النخيل بسرور.

وبعد ذلك كانا يهتمان بالمزروعات كي تكبر وتنضج ثمارها.

وذات يومٍ بينما كان الجد يحاول تكسير بعض الصخور الترابية بفأسه، نادى بصوت مرتفع على قاسم الذي كان يسقي المزروعات، فهرع قاسم بذهولٍ إلى جده وهو يلهث من الجري.

قال قاسم: ما الأمر يا جدّي؟ لقد أخفتني!

قال الجد والعرق يتصبب من جبينه: أرضنا هي شرفنا، إن تخلّينا عنها محرمٌ أن نتنفس هواءها حتى، استعد لتدافع عنها.

حدَّق باسم في جده وكاد دمعه ينهمر، فهو يعرف جيداً ماذا يعني ذلك.

اقتحم الجنود بيت الجد بهمجيةٍ، وأحاطوا أرضه وصوّبوا أسلحتهم عليه وعلى قاسم.

صرخ الجندي: أنزل الفأس من يديك يا نظمي وإلا سأقتلك بسلاحي.

غضب الجد واحمرَّ وجهه قائلاً: لن أتركها، بل اترك أنت أرضي وارحل منها.

ضحك الجندي ثم قال ببرود: لم تر بعد المفاجأة التي أعددناها لك.

ارتبك قاسم وهو ينظر لجده الذي كاد يفقد عقله لما رأى الجنود وقد أحضروا مجموعة مستوطنين ليعيشوا في بيتهم.

فأمسك يد جده بقوة قائلاً: لا تقلق يا جدي سنعيدها.

صرخ الجندي مرة أخرى: أنزل الفأس واخرج من أرضنا.

ترك الجد الفأس وتشبث بشجرة الزيتون قائلاً: لن أترك أرضي أبداً.

اجتمع ثلاثة جنودٍ حوله وضربوه بأسلحتهم وسحبوه على الأرض حتى أغمي عليه.

كاد قاسم ينفجر بكاءً، لكنه بقي صامداً صابراً ليس بيده حيلة. فقد قام الجنود بتكبيل يديه وقدميه.

اقترب الجندي القائد من قاسم وقال باستهزاء: هذا ليس بيتكم بعد الآن، ونظر للمستوطنين الذين جاؤوا ليعيشوا في بيت الجد.

مرَّ عامٌ وآخر ورغم مرور عامين على هذه الحادثة، لم يملّ الجد وقاسم طيلة العاميْنِ المنصرميْن من الجلوس أمام منزلهم رغم محاولات المستوطنين أذيتهم بشتى الطرق، بل صنعا خيمة قماشية مقابل منزلهما، تحمّلا فيها حرّ الصيف وبرودة الشتاء، أملاً في العودة إلى بيتهم المسروق.

و في يومٍ من أيام شهر رمضان المبارك، بينما كان الجد وقاسم ومجموعة كبيرة من أهل الحي المتضامنين معهم يفطرون في موعد آذان المغرب، هجمت دورية من جنود الاحتلال واعتدت عليهم بالضرب والغاز والقنابل ورش المياه العادمة.

وبدأت تتكرر الاعتداءات أملاً في أن يرحل الجد وقاسم من هذه الخيمة التي سبّبت للمستوطنين إزعاجاً، لكن دون جدوى!

بل بقيت الخيمة كما هي وكبر قاسم فيها ودرس في كلية الحقوق بالجامعة مواجهاً بعلمه وصموده المستوطنين الذين سرقوا بيتهم، واستمر وأهل الحي بمقاومتهم للاحتلال بشتى صور المقاومة متوكلين على الله ومقبلين عليه بالدعاء.

فقام بفضح جرائم العدو من خلال تصويره لما يحدث ونقله على الأخبار أولاً بأول للشبكات الإعلامية، وقد لاقى موقفه تأييداً دولياً كبيراً.

جن جنون المستوطنين من تمسك الفلسطينيين بأرضهم، وخرجوا في مظاهرةٍ يهتفون بأعلى صوتهم: الموت للفلسطينيين، الموت لهم…

ثم تفرقوا بعد فشلهم في مواصلة المظاهرة إثر انتفاضة الحي ومقاومتهم، فولوا هاربين خائفين وجمعوا أغراضهم ورحلوا من البيت خوفاً من الموت بعدما أيقنوا أن حياتهم هنا ليست رغيدة وأنها صعبةٌ عنيدة.

أقام أهل الحيّ عرساً وطنياً بهذا النصر العظيم وعانق الجد حفيده الشاب قاسم، قائلاً له: لقد أعدناها يا بني وحق للأرض الآن أن تفخر بك وبأبناء الحي!

———————————————

تم النشر بطلب من كاتبة القصة: أ. وفاء المبيض، وبموافقة الفنانة: أ. مريم راشد.

اترك تعليقاً

14 + 13 =

Go to Top