تحديات تواجه دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المؤسسات التربوية
بقلم: د. أيمن دراوشة “مختصّ الاحتياجات الخاصة – قطر”
تدقيق لغوي: د. علياء الداية
شهدت مختلف ميادين التربية الخاصة في الدول العربية تطورات وإنجازات كبيرة وهذه الإنجازات دفعت وزارات التربية والتعليم إلى دمج الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة في مختلف المدارس الحكومية، وهي خطوة في الطريق الصحيح تجاه تلك الفئة التي ابتليت بإحدى الإعاقات المتعددة، حيث تحولت النظرة السلبية تجاه هؤلاء إلى نظرة إيجابية، تقوم على الدمج التعليمي لا العزل والفصل والوحدة الاجتماعية، إلا أن شكاوي أولياء الأمور من تعرض أبنائهم إلى مضايقات من قبل أقرانهم من الطلبة الأسوياء قد فاقم من المشكلة وزاد الطين بلَّة، فزاد اضطرابهم وساءت حالتهم النفسية بدلاً من تحسنها وتكيفها مع الوضع الجديد، وتدهور وضعهم النفسي والتعليمي، فأصبحوا طلابًا كارهين للمدرسة والتعليم بسبب خوفهم من التعرض لاستهزاءات وسخرية زملائهم، وأصبحت التجربة ناجحة على الورق والإعلام، وفاشلة على أرض الواقع، ونحن هنا لا نعمم على كل المدارس أينما كان تواجدها فمادام كان الطلبة الأسوياء غير مهيئين ومستعدين لاستقبال تلك الفئة من الإعاقات، ولم يُقدَّم لهم الإرشاد والتوجيه المناسب، ومادامت تلك الإعاقات تشكّل عبئاً جديداً في المجتمع المدرسي؛ بسبب عدم إعدادهم الإعداد المناسب وتهيئتهم التهيئة الكافية لتطبيق تجربة الدمج فالنتيجة حتماً ستكون سلبية.
لهذا أرى أن الحل يكمن في ضرورة دمج الطلبة من ذوي الإعاقــات مع أقرانهم الأسوياء، ولكن ليس بالطريقة الحالية التي أثبتت عدم جدواها في ظل تزايد شكاوي أولياء الأمور لما يحدث لأبنائهم من مضايقات، إذ يمكن إنشاء مـركز يضم طلابًا أسوياء واعين ومتفهمين أنَّ هذه الإعاقة ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى، فهم العمود الرئيس الذي يرتكز عليه الطلبة من أصحاب الإعاقات، إنهم موجودون لمساعدة زملائهم من ذوي الحاجة الخاصة لا للسخرية والاستهزاء بهم، هؤلاء الطلبة الأسوياء هم نموذج حي وصارخ ويجب انتخابهم بدقة حتى تتحقق بهم النتائج المرجوة فيما يتعلق بالطلبة من أصحاب الإعاقات.
كذلك يجب أن يكونوا على درجة عالية من الثقافة والتميز والشعور بشعور إخوانهم المعاقين، وتقع على عاتقهم المسؤولية في تقديم يد العون لهم، وهنا المسؤولية مشتركة مع كل العاملين في المركز أو المؤسسة من معلمين
ومتخصصين وإداريين. ومن الأمور الهامة في إنجاح تلك التجربة تطوير المناهج الدراسية لتتناسب مع ذوي الإعاقات إضافة إلى تحديد معايير الدمج للطلبة المعاقين، والسماح بظهور أنواع متعددة للدمج الأكاديمي كالدمج المكاني والصفوف الخاصة للطلبة المعاقين تمهيداً لدمجهم مع أقرانهم الأسوياء، وغيرهـا من الأساليب الناجعة والمبتكرة لإنجاح عملية الدمج.
———————————————