Skip to content Skip to footer

“التعلُّم عن بعد في ظل جائحة كورونا – الفوائد والمعيقات” بقلم مختصّ الاحتياجات الخاصة د. أيمن دراوشة

احفظ هذه الصفحة في قائمة "المفضّلة" الخاصّة بك - فضّله (0)

لبيس لديك حساب في موقع كيدززون؟ قم بإنشاء حساب

التعلُّم عن بعد في ظل جائحة كورونا – الفوائد والمعيقات

بقلم: د. أيمن دراوشة “مختصّ الاحتياجات الخاصة – قطر”

مقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.

يعد التعليم عن بعد شكل من أشكال التعليم الحديثة، ويكون فيه المُتعَلِّم في مكان مختلف عن مصدر المعلومات، ويتم فيه نقل البرنامج التعليمي من المؤسسة التعليميّة إلى أماكن متفرقة، ولا يقتصر التعليم عن بعد على التعليم من خلال شبكة الإنترنت، وإنّما يمكن استخدام أيّ وسيلة أخرى. تمّ اللجوء للتعليم عن بعد لزيادة فرص التعليم أمام الذين لم يحالفهم الحظ في إتمام تعليمهم، أو من يرغبون بالدمج بين الوظيفة والتعلُّم، أو من يسكن في أماكن بعيدة عن مصادر التعلُّم.

وفي بحثنا الإجرائي هذا تناولنا التعليم عن بعد من حيث المميزات والمعيقات، فتعرضنا لأهم المشكلات التي تعترض التعليم عن بعد، وكذلك الفوائد والمعيقات في ظل جائحة كورونا.

نسأل الله العلي القدير أن يجعل عملنا هذا خالصًا لوجهه الكريم، وينفع به طلبتنا ومعلمينا الأعزاء.

مشكلات التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا:

زادت الحاجة للتعليم عن بعد بانتشار أزمة covid-19 وأصبح أمرا طارئًا مُلحًّا للغالبية العظمى في المناطق التي انتشر فيها الفيروس، ونظرًا لأنَّ معظم المدارس لم تكن على استعداد كاف لهذه التجربة فقد ظهرت عنها عدة مشكلات تنقسم إلى عدة أوجه:

  • أولًا: مشكلات تقنية.
  • ثانيًا: مشكلات تتعلق بالتواصل بين التلميذ والمعلم.
  • ثالثًا: مشكلات تتعلق بولي الأمر أو القائم على رعاية المتعلِّم.
  • رابعًا: مشكلات تتعلق بالمعلم.
  • خامسًا: أنماط التلاميذ والتعليم عن بعد.
  • سادسًا: التعليم عن بعد ليس بديلا عن المدرسة.

أولًا: مشكلات تقنية:

يلزم كل طفل الحصول على اتصال جيد، وباقة ذات سعة تحميل عالية، وهذا غير متوفر لخمسين بالمئة من الطلاب على الأقل فهم إمَّا لا يملكون اتصالا بالإنترنت من الأساس غير باقات محدودة على الهواتف، أو ومن التلاميذ من لا يجيد التعامل مع الحواسيب رغم أن دراستها مقررة عليه في المناهج التعليمية..

زد على ذلك توفر وسيلة الاتصال دون جودة الاتصال حيث ينقطع أحيانًا ويثبت أحيانًا أخرى..

ولكي تكون الدراسة عن بعد صحيحة يجب ضبط شبكة اتصال فاعلة وباقات إنترنت ذات سعة تحميل جيدة للجميع على حد سواء؛ لأن التعليم حق للجميع سواء دون تمييز.

ثانيًا:- مشكلات تتعلق بالتواصل المباشر بين المعلم والتلميذ:

لا يجب أن تكون المعلمة منتقبة لأن هذا يحجب التواصل بينها وبين التلميذ -هكذا قال أحدهم مرة- المعلمة التي يفصلها بين الطفل أقل من متر تستمع إلى تلميذها وتحاوره وتراقب تصرفاته سيحجب غطاء وجهها، التواصل الجيد بينها وبين التلاميذ، أمَّا تلك المسافات البعيدة والشرح خلف الشاشة وحرية غلق الكاميرا والمايك وفتحهما في أي وقت، ستتمكن المعلمة من التواصل الفاعل بينها وبين التلميذ..

أخبرتني معلمة قامت بالتدريس عن بعد بأن تواجدها مع التلميذ يجعل الأمر مريحًا أكثر لها ويعطيها قدرة على جذب انتباه الطفل أكبر، وتذكر أثناء الحصة على برنامج zoom والمقرر لها أن تكون أربعين دقيقة يذهب الطفل للتواليت ويتناول الطعام ولا إرادة لها لوقف أو التحكم في ذلك، وهذا يجعل وقت الحصة أحيانًا يزيد عن المقرر له حرصًا منها ألا تُفوّت شيئًا لهم..

وفي موقع جريدة القبس ذكر هاني الحمادي:

“وكشف المتخصصون لـ القبس عن مثالب متنوعة تكتنف التدريس بهذه الآلية فبعض الطلبة ينشغلون عن متابعة المعلم، وينامون أثناء الحصة»، كما أنَّ «ابتعاد المتعلم عن المدرسة يفقده الشعور بأهمية النظام التعليمي وهيبته»، علاوة على «انعدام البيئة الدراسية وافتقاد التجارب الحية والإجهاد النفسي الذي يصيب الطالب والمعلم ويؤرّق الأسرة».”

وإن كان حضور الطفل للمدرسة يومًا أو يومين سينهي هذه المشكلة جزئيا إلا أنه لن ينهيها مطلقًا.

في ألمانيا كمثال وأثناء ذروة فيروس كورونا الأولى، كان الأطفال يتابعون الدراسة عن بعد مع المعلم، ويقوم ولي الأمر بإحضار الواجبات وتسليمها من وإلى المدرسة، وتلك نقطة جيدة تزيد من التواصل بين المعلم والتلميذ، وكذلك تُوجد دافعًا للتلميذ للمتابعة والدراسة؛ لأن هناك تقييم مستمر واتصال مع المعلم، لكني مع الأسف لم أجد ذلك على الأقل في الدول العربية.

فالتعليم عن بعد هنا يتركز في متابعة القنوات التعليمية المخصصة أو بموقع المعرفة الذي أعدته الدولة والذي يجهل كثيرًا من أولياء الأمور كيفية التعامل معه..

ومن هنا نخرج لنقطة جديدة وهي أنَّ أهم المشكلات التعليم عن بعد هي أنه جاء محدث طارئ خاصة لمراحل التعليم الأولية لذا تجد كثيرين غير مستعدين أو متأهبين نفسيًا وعلميًا للتعامل معه.. الآباء والأمهات يحتاجون للتدريب تمامًا كالمعلمين على التعامل مع التعليم عن بعد، فكما يدرس المعلم علم النفس لاستخدامه أثناء التدريس صار ولي الأمر يحتاج أيضًا لدراسة التعامل مع هذا الواقع وتأهيل نفسه وأبنائه له.

ثالثًا: مشكلات تتعلق بولي الأمر أو القائم على رعاية التلميذ بصفة مباشرة..

العادة كانت أن الجميع يخرج لعمله، والأولاد لمدارسهم، وتبقى الأم غير العاملة لأداء مهامها المنزلية لحين عودتهم، أو تخرج لعملها وعود معهم، وإن كان الأولاد صغارًا فلا بدَّ من خادمة…

التعليم عن بعد يخلق مشكلة للأم التي تعمل، فمن سيتابع أبناءها حال وجودها بالعمل، ومن المعلوم أنه من الضروري وجود المراقبة والمتابعة للطلاب في المراحل الأساسية. وإذا توقفت الأم عن العمل الذي اعتادت عليه، ستتأثر الحالة الاقتصادية للأسرة، ولا يغفل أحد عما ينجم عن ذلك خاصة في ظل جائحة كورونا وغلاء الأسعار وتخفيض الرواتب.

أمَّا إذا كانت ربة منزل لا تعمل فوجودها طيلة الوقت مع الأبناء لمراقبة التدريس، ثم متابعة الاستذكار، لهو أمر غاية في الشقاء، خاصة في أيام فرض حظر التجوال. وأضف لذلك جهل الكثيرين بكيفية التعامل مع وسائل التعليم عن بعد وهذا ما أشرنا إليه سابقًا.

أمَّا عن المشكلات الأخرى والتي ذكرها الوالدين هي انعدام تركيز التلاميذ أثناء التدريس عن بعد خاصة مع من هم دون العاشرة، تقول إحداهن، إنَّ متابعة فصل كامل أمام عيني أيسر كثيرًا من جمع نفس الفصل على شاشة، فلكي أطلب انتباههم يجب أن أذكر اسم كل مشتت منهم على حدة، أمَّا الفصل، فكانت كلمة واحدة تكفيه لينتبه.

رابعا: مشكلات تتعلق بالمعلم:

المعلم، إحدى الوظائف الأقل دخلا والأكثر جهدًا، يلزمه أن يقوم بعمل إضافي لينال حياة جيدة وليست جيدة جدًّا..

ملزم الآن للتفرغ التام لقيادة تلاميذه نحو التعليم، دون إدارة ودون إشراف، الحاكم عليه أخلاقياته.

كتبت معلمة على إحدى التواصل الاجتماعي رسالة إلى وزير التعليم في وطنها، تخبره أن راتبها لن يكفيَ لإعداد الفيديوهات المطلوب منها شرحها وتحميلها، تقول تطلب مني تصوير ومونتاج وتحميل شغلي للتلاميذ ثم متابعتهم بعد ذلك، تتساءل من سيتحمل تكلفة كل ذلك، من سيدفع باقة الانترنت، راتب الحكومة الذي تدنى جيدًا قيمته الشرائية، من سيعاني ببيتي أثناء عمل كل ذلك، هل ستقوم الحكومة برعاية ذلك وإلى آخر شكواها المريرة…

وأرى الحل في ذلك أن تظل المدرسة قائمة بحالها الحصص بجدولها المشرف يقوم بدوره وفي الفصل كل معدات الارسال والتصوير، ويتبادل المعلمون حصصهم بصورة طبيعية وبمواعيدها والتلاميذ يتابعون، والإدارة تراقب ومختصي ضبط البرامج متواجدون، لا أنْ يتحمل المعلم وحده مسؤولية إعداد وتجهيز وإرسال المادة العلمية. ومع كل ذلك سيبقى التواصل محدودًا والتقييم غير حقيقي خاصة إذا تمت الاختبارات أيضًا عن بعد فمنع الغش حينها سيكون أمرًا معقَّدًا.

المشكلة الثانية أنَّ كثيرًا من المعلمين لا يجيدون أو لا يرغبون بالتعامل مع هذه الوسائل والوسائط، لا يجيدون التأقلم مع التغييرات سريعًا فتجدهم ينسحبون أو يتجاهلون واجبهم، وهذه مشكلة أيضًا.

وفي مقال للكاتب الصحفي شريف بن محمد الأتربي طرح حلا لمشكلة التواصل قائلاً: 

“بالنظر إلى المشكلات العشر السابقة أجد أنها يمكن أن تتحول إلى مميزات وتصبح إيجابيتها أكثر من سلبيتها، فعلى سبيل المثال وحتى لا يطول المقال، فإنَّ محدودية توجيه الملاحظات للطلاب عبر الإنترنت تجعل للمعلم دوراً مهماً جداً في العملية التعليمية الإلكترونية لا يقل بأي حال عن دوره في العملية التعليمية التقليدية”.

خطة التسليم والتسلم تحل مشكلة محدودية الملاحظات:

ويرى “الأتربي” أنَّ خطة التسليم والتسلم يمكن أن تحل مشكلة محدودية الملاحظات، ويقول: 

“التعلم عن بعد أو التعليم الإلكتروني بمفهوم أوسع لا يعني أن يخرج المعلم منه بل إنَّ المعلم – خاصة عندما يدرس فصوله نفسها – يجب عليه أن يكون على دراية كاملة بطلابه ويعرف كافة خصائصهم النفسية والفكرية، ويدرك تمامًا ما قدراتهم التعليمية، ولعلي أذكر هنا نقطة تتعلق بهذا الشأن تعرضت لها إبان عملي في مدارس الرياض للبنين والبنات، ففي عام 2008 تقريباً، وخلال فترة وجيزة حضر مجموعة من الخبراء من أستراليا – بناءً على توصية من إحدى كبرى الشركات الاستشارية- وذلك لدراسة الوضع القائم واقتراح حلول للمشكلات ووضع خطة للتطوير، وكان من أهم ما وضعوه في خطتهم، خطة التسليم والتسلم .. وعند عرض الخطة على المعلمين استغرب أكثرهم واعتبروه نوعًا من تحليل الراتب المدفوع لهؤلاء الخبراء. والخطة تقوم على أن كل معلم كان يدرس فصل من الفصول، عليه أن يعد تقريراً وافيًا شاملاً عن كل طالب من طلاب الفصل بحيث يشمل المستوى العلمي والمهاري والسلوكي ونقاط القوة ونقاط الضعف لدى الطلاب ويعطي صورة واضحة لمعلم نفس الطالب في العام الدراسي الجديد عن هذا الطالب، ويتم تسليم هذا التقرير للمعلم الجديد من المعلم القديم في جلسة رسمية بمحضر رسمي.”

إنَّ مثل هذه التقارير قد يساعد المعلمين الجدد على وضع إستراتيجيتهم التدريسية والتخطيط لدروسهم بناء عليه، وأنْ يراعوا عند وضع التقييمات اللحظية والتقويمات الختامية الأخذ بهذه الملاحظات بعين الاعتبار. وعند مناقشة الزملاء في نهاية الفصل الدراسي حول هذه التقارير كان هناك تغير واضح في النظر إليها من سلبية إلى إيجابية ذات أهمية عالية.

وعن التحفيز والتعزيز للطلاب عن طريق التعليم عن بعد يقول “الاتربي”:

“النقطة الثالثة هي متعلقة بالتحفيز والتعزيز. حيث يتطلب التعلم الإلكتروني مهارات قوية في التحفيز الذاتي وإدارة الوقت. وهذه المهارات ليست مرتبطة فقط بالتعلم عبر الشبكة العنكبوتية، بل هي سلوكيات يجب أن تتوافر لدى جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن وظيفتهم أو طبيعة عملهم. فالإنسان الذي يفتقد مهارة التحفيز الذاتي لن يصل إلى شيء وسيظل في محله ولن يبرح مكانه وعلى الأرجح مثل هذا الشخص يتجه مباشرة إلى البحث عن وظيفة حكومية تكون الترقيات فيها تلقائية حيث لا يطلب منه بذل مزيد من الجهد أو التحفيز، وإن كانت وزارة الخدمة المدنية قد عالجت مثل هذه الأمور وأصبح الترقي يتم بناءً على متطلبات وظيفية ومهارية وتدريبية يخضع لها الموظف. أمَّا إدارة الوقت فحدث ولا حرج؛ هذه الجزئية بالذات تعاني كل الأسر في جميع المجتمعات وربما تشمل جميع الأبناء. فالقيام للذهاب إلى المدرسة صباحًا أو مرافقة العائلة لموعد ما وغيرها دائمًا ما يسبب إحراجًا ومشكلات بين الوالدين والأبناء. لذا فمثل هذا السلوك يجب أن يتم العمل عليه منذ الصغر، وأنْ ينقل الإحساس بالمسؤولية من الوالدين للأبناء بحيث يصبح سمة من سماتهم الشخصية، وبتوسيع المفهوم ليكون الالتزام بأي شيء وليس الوقت فقط… وقد وضع كاتب المقال حلاً لمثل هذه المشكلة من خلال بناء مهارات تحفيزية ذاتية ومهارات تأديبية قوية هو مفتاح النجاح في بيئة التعلم عبر الشبكة العنكبوتية. إضافة إلى ذلك، يمكن الاستعاضة عن التواصل وجهًا لوجه مع الأساتذة بالتواصل عبر الشبكة العنكبوتية، كما يجب الترويج لأنشطة نظير إلى نظير بين الطلاب عبر الشبكة العنكبوتية بشكل مشابه كما هو الحال في الفصول الدراسية التقليدية”.

خامسًا:- أنماط التلاميذ والتعليم عن بعد:

يشكو الكثير من مشكلة عدم التركيز أثناء التعليم عن بعد..

مؤكَّدٌ أن التعليم عن بعد لا يُناسب كل الأنماط السمعي و البصري والحسي، خاصة هذا الأخير سيفقد القدرة على التركيز في المطلق، أمَّا النمط البصري فيمكنه استيعاب الدرس بنسبة ما ويبقى التلميذ السمعي هو المتميز هنا .. ولا أظن في ذلك إنصافًا.

أما العمل خلال التعليم التقليدي فيتيح الفرصة لجميع الأنماط الاستيعاب بدرجة ما.

وأيضًا هناك نمط من التلاميذ لا يعمل إلا تحت مراقبة وثواب وعقاب مباشر من المعلم، هذا النمط لا يناسبه التعليم عن بعد وسيدفعه عنوة نحو الفشل وترك الدراسة، فيما ويبقى التلميذ السمعي بحرية والبصري بإلزام من والدين متابعين أمَّا الحسي والمنطقي سيتجهان نحو القراءة فهذه الأنماط أكثر استيعابًا بالقراءة والملاحظة..

سادسًا: المدرسة ليست مكانا للتعليم فقط:

المدرسة ليست مكان للتعليم فقط، ولكنها بيئة تواصل اجتماعي، وتفاعل بشري وفكري وسلوكي بين الأطفال وبعضهم وبين الأطفال ومعلمهم.. وهذا مفتقد تمامًا في التعليم عن بعد، ويمكن أن يؤدي فيما بعد لخلق أناس انعزاليين أو يكون الابتعاد عن هذه البيئة الاجتماعية سببًا في ابتعاد التلميذ عن التعليم.

ويقول الأتربي حول هذه النقطة:

“النقطة الثانية التي ربما تأخذ على التعلم عبر الشبكة العنكبوتية تتمثل في العزلة الاجتماعية التي قد تصيب بعض الطلاب. وفي هذه النقطة بالذات أجد أنَّ التعليم عن بعد ليس هو السبب الوحيد الذي أدى إلى حدوث هذه العزلة؛ كما أنَّ هذه العزلة لم تصب الطلاب فقط، لكنها شملت الأسرة والمجتمع ككل. فمنذ عُرفت الألعاب الإلكترونية والألعاب عبر الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي؛ وجميع أفراد المجتمع يعيشون في عزلة ذاتية رغم وجودهم في مكان واحد وربما يجلسون على أريكة واحدة. فعلاج العزلة الاجتماعية لا يقتصر فقط على الجانب التعليمي ولكن يجب أن يشمل جميع جوانب الحياة، وكافة أفراد المجتمع، وذلك من خلال التوعية الموجهة الهادفة للمجتمع، وكذلك إعادة تأهيل أفراد الأسرة نفسيًا وسلوكيًا واجتماعيًا لعودة الترابط فيما بينهم مثلما كان الوضع أثناء الحظر في وقت جائحة كورونا.. وكان من الحلول التي وضعها كاتب المقال: تعزيز التفاعل بين الطلاب عبر الشبكة العنكبوتية، وهو ما يسمى بالتعلم التعاوني، والتعلم بالمجموعات”.

لكن صداقات الدراسة هي الأكثر عمقًا واستمرارًا بين معظم الشخصيات ونظم التعليم عن بعد، ستنهي ذلك مطلقًا. وإن كانت ممارسة الألعاب الرياضية في النوادي ستعالج جزءًا من المشكلة لكن لا أرى بديلا عن المدرسة في تلك النقطة تحديدًا.

مشكلات التقييم في التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا:

لا شيء فعلي يمكنه القضاء على الغش في الاختبارات عن بعد.. هكذا قال المختصون وقال أولياء الأمور..

وطالما تحقق الغش كبديل فعَّال للتفوق في الامتحانات، فالأكثرية لن تعمل لن تبذل جهدًا لتحقيق النجاح، وستنتهي بذلك مع الوقت فكرة التعليم إلا لمن يهواها أو يجدها الشيء المحبب لنفسه ولا أدري إن كان ذلك أمرا جيدا أم سيئًا فربما عدنا لعصر علماء العرب الذين تفوقوا على العالم دون مدارس، ولكنهم كانوا تحت رعاية علماء أكبر وأمراء يقدرون العلم، وهذا مستبعد الآن، فكيف يمكن تمييز الصالح والطالح مع فساد التقييم.

التعليم عن بعد في المراحل المبكرة والأساسية كارثة كبيرة ستظهر نتائجها بعد عشر سنوات من بدايتها مع هذا الجيل،

تقول إحدى الأمهات والتي لديها أطفال أعمارهم بين العاشرة والخامسة:

لا أدري ماذا تريد الهيئات التعليمية أن تفعل بنا، كيف أضع جهازًا إلكترونيًا متصل بالإنترنت بين يدي طفل أمنيته الأولى أن يمضي يومه لعبًا”.

الأمر جد محير وصعب، ويبدو أن استمراره والاعتماد عليه سيكون خطوة مؤثرة وفعالة لتغيير وجه العالم خلال عقود قصيرة.

فوائد التعلم عن بعد، مميزاته ومعيقاته:

التعلُّم الإلكتروني كغيره من طرق التعلُّم الأخرى له فوائدٌ عديدة على الرغم من مواجهته لصعوبات عديدة، فأصبح الاعتماد عليه ضرورة أساسية من أساسيات الحياة خاصة في ظل انتشار وباء كورونا.

وسنعرف فيما يأتي فوائد التعلم عن بعد ومميزاته ومعيقاته.

أولًا: فوائد التعليم عن بعد:

  • توسيع قاعدة المشاركين في العملية التعليمية.
  • تقليل كلفة التعلم والتعليم على الأفراد والحكومات.
  • نشر العلم في أماكن يصعب الوصول إليها، مما يساهم في رفع سوية المجتمع.
  • يوفر التعلم عن بعد إمكانية التعلم المستمر مدى الحياة.
  • يوفر التعلم عن بعد إمكانية التعلم المعتمد على الذات.
  • تقليل الأعباء الإدارية بالنسبة للمعلم التي تأخذ منه وقتًا طويلًا مثل: استلام الواجبات، ومتابعة أنشطة الطلبة الفردية، مما يؤدي إلى تركيزه على عملية التعلم والتعليم، ومن الأمثلة على ذلك الأنشطة، والواجبات الإلكترونية التي يوفرها النظام، والتي تسلم وتصحح بشكل تلقائي.
  • تقليل الرهبة والخجل لدى المتعلم: فالتعليم عن بعد يوفر ظروف تعلم مناسبة للتلاميذ الذين يخشون مشاركة أفكارهم وآرائهم مع الآخرين عن طريق توفيره بيئة تعليمية تتصف بالخصوصية؛ إذ لا يخشى الطالب أن يوصف بالغباء إذا كانت آراؤه.

ثانيًا: مميزات التعلم عن بعد:

للتعلم عن بعد العديد من المميزات نذكر منها:

 

  • المرونة:

للمتعلمين من حيث وقت التعلم، ومكانه، ومحتوى المادة العلمية المراد تعلمها، وسرعة التعلم، وذلك حسب رغبة المتعلمين، وقدراتهم وإمكاناتهم، إذ يستطيع المتعلم الدخول إلى الموقع الذي يقدم خدمة التعلم عن بعد في أي وقت ومن أي جهاز، والبدء في عملية التعلم من المستوى الذي يناسبه، ويمكن للمتعلم أنْ يعيد الدرس؛ ليحقق له الفهم والفائدة.

ويقدم التعلم عن بعد حلولا ناجحة للمشاكل التي تنتج من غياب الطلاب عن دروسهم، إذ يستطيع الطالب الغائب الحصول على ما فاته من الدروس بسهولة، على نحو مواز لزملائه الحاضرين، فلا ينقطع عن العملية التعليمية.

 

  • تعلم ممتع:

يقدم التعلم عن بعد للطالب تفاعلا شخصيًا، فهو يوفر بيئة ممتعة للطالب بعيدًا عن الملل الذي يحصل نتيجة عملية التلقين، ويشجعه عندما يصيب، ويساعده في اكتشاف أخطائه عندما يخطئ، بل ويدربه؛ ليتجاوز مواطن الضعف دون حساسية أو خجل، ويقدم المفاهيم على نحو مرئي ومسموع؛ مما يجعل استيعاب هذه المفاهيم أمرًا سهلًا وممتعًا؛ لأنه يعتمد مبدأ تعدد الحواس، ويظهر هذا التعلم كأنه تعلم شخصي ذاتي.

 

  • التحديث المستمر للمحتوى:

من غير الممكن تحديث الكتب المدرسية في أقل من سنتين، أو ثلاث سنوات بينما يمكن تحديث المواد العلمية الإلكترونية المستخدمة في التعلم الإلكتروني على نحو مباشر، وبتكلفة منخفضة.

 

  • مراعاة الفروق الفردية:

يراعي التعلم عن بعد أو الإلكتروني الفروق الفردية بين الطلاب؛ فهو يساعد على بناء القدرات الشخصية والفردية للمتعلمين حسب قدراتهم واهتماماتهم المعرفية، ويساعد الطالب الضعيف على مشاهدة الدرس متى يشاء ولمرات عديدة، كذلك فإنَّ هذا التعلم يناسب الطالب المتفوق؛ إذ يستطيع الطالب مشاهدة دروس أخرى مرتبطة به، والحصول على معلومات إضافية حوله، وبذلك فهو يسير حسب سرعة المتعلم.

  • ربط الطلبة مع مصادر المعرفة مباشرة:

يحسِّن التعلم عن بعد من تواصل الطلبة مع بعضهم بعضًا عن طريق توفير وسائل اتصال متعددة وسهلة الاستخدام مثل: مجالس النقاش، والبريد الإلكتروني، وغرف الحوار؛ مما يحفِّز الطلبة على المشاركة والتفاعل مع المواضيع المطروحة، ويزيد التواصل قدرة المتعلمين على العمل الجماعي الموجه من قبل المعلمين، ويمكن ربط الطلبة مع مصادر المعرفة مباشرة، عن طريق الإنترنت؛ إذ يستطيع الطلبة الحصول على المعلومات على نحو سريع ومحدث.

ثالثًا: معيقات التعلم عن بعد:

يواجه التعليم عن بعد بعض المعيقات والصعوبات التي تحد من انتشاره واستخدامه، ويمكن تلخيصها بما يأتي:

الحاجة إلى أدوات وخدمات تقنية:

يحتاج تطبيق التعلم الإلكتروني إلى الوسائط المتعددة والحواسيب والشبكات التي تربط بينها، وإلى الخدمات المرافقة لهذه الأجهزة، مثل: خدمة الصيانة والتطوير، ولا يمكن للطلبة الاستفادة دون أن تتوفر لديهم أجهزة حاسوب.

  • صعوبة تقييم الطلبة:

عندما تحدث العملية التعليمية بالكامل عن طريق التعلم عن بعد؛ يصعب على المعلمين تقييم طلابهم؛ لصعوبة التأكد من أنَّ الطالب نفسه قد أدَّى هذا الامتحان، أو عمل على إنجاز المطلوب منه.

  • الحاجة إلى تدريب المعلمين:

بعض المعلمين غير قادرين على استخدام التعليم عن بعد، وقد اتضح ذلك مع ظهور جائحة كورونا، ولهذا يجب تدريبهم وتأهيلهم للتعامل مع التعلم الإلكتروني، وإن كان هذا التدريب بحاجة لكلفة إضافية طالما يحقق مصالح الطلبة وأحيتهم في التعلم.

  • الحاجة إلى تدريب أولياء الأمور:

من أصعب المعيقات التي تعيق التقدم التعليم الإلكتروني هو جهل أولياء الأمور ببرامج التعلم على الإنترنت، مما يؤثر سلبيًا على تعلم أبنائه خاصة إذا كانوا أطفالًا صغارًا، ولهذا فهم بحاجة إلى تدريب كالمعلمين تمامًا.

الخاتمة

التعليم عن بعد فعال وله مميزاته مع المراحل المتقدمة في التعليم ويبدو أنه يمثلا حلا منطقيًا مع انتشار وباء أو فيروس مثل: covid-19

لكنه لا يجب أن يتحول إلى التعليم التقليدي للمراحل المبكرة في أي حال من الأحوال..

التعليم عن بعد حل مؤقت لمشكلة مؤقتة وليس طريقة فعالة للتعليم الأساسي، لما له من مشكلات ومخاطر على الأطفال.

  • المراجع:
  1. د. أحمد علي الراضي -التعليم الإلكتروني- ط1، دار أسامة للنشر والتوزيع، 2010
  2. أيمن دراوشة – المؤتمر الدولي التاسع لمركز لندن للبحوث والاستشارات بعنوان: التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لفيروس كوفيد 19 بالتعاون مع مركز يونفرسال للبحوث والاستشارات بلندن عبر الفضاء الالكتروني – كتاب مطبوع – لندن – 2019.
  3. د. سلامة عبد العظيم، الجودة في التعليم الإلكتروني مفاهيم نظرية، وخبرات عالمية، دار الجامعة الجديدة للنشر، 2008م.
  4. عبد الله بن عبد العزيز الموسى ” التعليم الإلكتروني مفهومه خصائصه فوائده عوائقه) ورقة عمل مقدمة إلى ندوة مدرسة المستقبل، جامعة الملك سعود، الرياض، 1423ه.
  • مواقع الإنترنت:
  1. التعلم عن بعد صعوبات وحلول مقترحة – د.شريف بن محمد الأتربي (al-jazirah.com)
  2. صحيفة سبق | “الأتربي”: 10 مشكلات للتعليم عن بعد.. وهذه حلولها (nabd.com)
  3. التعليم عن بُعد.. مشكلة تلد أخرى! (alqabas.com)
  4. سبق sabq.org

———————————————

تم نشر المقال بطلب من صاحبه: أ. أيمن دراوشة

اترك تعليقاً

ستة عشر + ثلاثة =

Go to Top