Skip to content Skip to footer

“كيف أصاحب ابنتي؟” بقلم الكاتبة نسرين سالم

احفظ هذه الصفحة في قائمة "المفضّلة" الخاصّة بك - فضّله (0)

لبيس لديك حساب في موقع كيدززون؟ قم بإنشاء حساب

من مقالات تربية الطفل:

كيف أصاحب ابنتي؟

للكاتبة: نسرين سالم

تدقيق: د. علياء الداية

كم شدتني هذه العبارة “صاحبي ابنتك”! كم فكرت في كيفية تنفيذها! كم فكرت في فوائدها الجمة! كانت ابنتي صغيرة جداً منذ بدأت أخطط أن أصاحبها، منذ أن قررت أن أبني هذه الصحبة بناءً قوياً لا تهزه ريح ولا يصدعه زلزال،

منذ عقدت العزم على أن أحسن تربيتها بالاستفادة من هذه الصحبة.

فكرت وفكرت، بحثت وقرأت، تابعت المختصين وتعلمت، ثم بدأت التنفيذ. في الحقيقة لم يكن التنفيذ سهلاً، ما أسهل أن نتعلم العلم النظري! وما أصعب التطبيق العملي! لا بد أن هناك جسراً خفياً يستطيع أن ينقلنا من النظرية إلى التطبيق الصحيح.

كم تذهلني فوائد مصاحبة الأم لابنتها، تخيلي أن تشعري بنشوة النجاح في كل مرة تقومين فيها بتقييم نجاحك كأم! من الطبيعي أن تملك كل أم بفطرتها القدرة على أن تنجح نجاحاً هائلاً في القيام بهذا الدور، لكنْ أحياناً ضغوطات الحياة ومشاغلها تلهينا قليلاً عن التركيز أكثر على بعض الأمور المحورية في هذا الدور، لذا نحتاج أحياناً إلى أن نلقي الضوء على أمور نعتقد بأهميتها القصوى.

أن تكوني الناصحة الأمينة في نظر ابنتك، أن تكوني المرجع الرئيس والملاذ الآمن لابنتك في أصعب لحظات حياتها، أن تشعر بك سنداً قوياً تستند إليه، أن تكوني حافظة أسرارها الأمينة لهو امتياز لن تحصلي عليه إلا إذا أتقنت دور الصديقة الصدوقة لها.

لا بد أن هناك خطوات معينة إن قامت بها الأم تمكنت من دخول دائرة الثقة الخاصة بابنتها، لكن ما هي هذه الخطوات؟ سؤال صعب، سؤال يراودني.

من الجدير بالذكر أن أولى هذه الخطوات هو الحب غير المشروط؛ أن تحب الأم ابنتها كما هي، أن تتقبلها كما هي، كما هي تماماً؛ فلا تشترط عليها ولو ضمنياً أن تحسّن من أدائها في أمر معين حتى تحبها، أو على أقل تقدير حتى تتقبلها. للأسف أحياناً تقع الأم في فخ الحب المشروط فلا تحب ابنتها أو ربما لا تتقبلها بسبب صفة معينة في البنت، أو سلوك معين، فتسعى البنت جاهدة لتغيير هذه الصفة أو تحسين هذا السلوك راجية أن تحظى بحب أمها وقد تنجح في ذلك وربما لا تنجح إطلاقاً مما يؤدي لحدوث شرخ كبير في علاقة البنت بأمها يزداد بمرور الزمن يصعب رتقه.

كذلك فإن قضاء وقت نوعي مع ابنتك له فعالية قصوى في بناء علاقة متينة، في تعبئة بنك الذكريات بذكريات كثيرة جداً سعيدة ممتعة. ما أجمل ذكريات الأحاديث الشائقة بين الأمهات وبناتهن! ما أجمل ذكريات اللعب بالدمى! ما أروع أوقات الرسم معا! نشاطات كثيرة وذكريات لا تنسى في تلك الأوقات التي تجمع الأمهات ببناتهن.

الاستماع باهتمام له دور عظيم في بناء هذه الرابطة القوية بين الأم وابنتها. على الأم أن تعمل على إتقان هذه المهارة أن تستمع الأم لحديث ابنتها مهما كان سنها صغيراً بانتباه شديد، واهتمام حقيقي بما تسمع، ومتابعة لأدق التفاصيل، مع الحرص على محاكاة شعور البنت في كل لحظة، والعمل على تقديم الدعم المعنوي والعاطفي والقبول لكل ما تسمع، والتفاعل بحرص وحكمة مع هذا الحديث عندها سوف تتمكن من تكسير كل الحواجز الفاصلة بين قلبها وقلب ابنتها.

أن تساعدي ابنتك في كل لحظة تحتاج مساعدتك فيها من دون أن تطلب منك ذلك له أكبر الأثر في إثراء العلاقة بينكما، على سبيل المثال عندما تحاول ابنتك أن تفعل شيئاً جديداً وتكون في حيرة من أمرها لا تدري أهي تنفذ الخطوات كما يجب أم لا؟ سوف تغمرها سعادة لا توصف حين تراك قادمة لمد يد العون، وتقديم كلمات تشجيع لن تنساها مدى العمر.

أهم شيء تغفل عنه الكثير من الأمهات وله أكبر الأثر في طبيعة علاقة الأم بابنتها هو الكيفية التي تتعامل الأم بها مع ابنتها فإن عاملت الأم ابنتها بودّ ومحبة واحترام كسبت صداقتها إلى أبد الآبدين، وإلا فلن تحصد إلا ما زرعت. كما أن نوع الخطاب الذي تستخدمه الأم عندما تخاطب ابنتها له دور أساسي في رسم معالم هذه العلاقة فإن كان خطاباً إيجابياً تشجيعياً فيه تقدير وتعزيز ودعم صنع علاقة فولاذية عصيّة على الانكسار، وإلا كانت علاقة هشّة تطير وتنتهي مع هبوب أول نسمة باردة خفيفة من الريح.

من الجدير بالذكر أن اهتمامك بالتعرف على شخصية ابنتك واهتماماتها ومشاركتها هذه الاهتمامات واحترام رأيها فيما تحب وتكره يساعد بشدة في تقوية أواصر هذه العلاقة.

أن تعترفي بأخطائك في حقها في حال حدث ذلك، ولا تبرري، وتعتذري؛ فذلك يزيد احترامك وتقديرك في نظر نفسك وفي نظرها، وبذلك تعلّمينها ثقافة الاعتذار، ثم لا تنسي أن تصلحي ما أفسدتِ بغير قصد في هذه العلاقة أولاً بأول ولا تسمحي للمشاعر السلبية أن تتراكم فإنها إن تراكمت سوف تفتك بهذه العلاقة فتكاً وتهشمها تهشيماً.

لا ريب أن معرفتك بصديقات ابنتك والتعرف عليهن وبناء علاقة طيبة معهن وتقديم العون والنصح لهن عند الحاجة يساعد على زيادة التقارب بينك وبين ابنتك.

خلاصة الكلام أنه يكفي أن تتصرفي على طبيعتك وفطرتك التي فطرك الله عليها حتى تكوني أفضل أم بإمكانك أن تكونيها، وبإمكانك دائماً وأبداً أن تصبحي أماً أفضل بالاستمرار بمراجعة ذاتك والاستمرار بالعمل على إنجاح هذه العلاقة.

———————————————

تم نشر المقال بطلب من كاتبته: أ.  نسرين سالم.

اترك تعليقاً

Go to Top