من قصص الأطفال:
قصة: لَا أُحِبُّ الْمُوسِيقَى
تأليف: زهرة ديكر – المغرب
تدقيق: كريمة الغربي
![]() ![]() |
من قصص الأطفال – قصة: لَا أُحِبُّ الْمُوسِيقَى – تأليف: زهرة ديكر – المغرب – موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
وَسِيمٌ طِفْلٌ مطمئن القلب يُحِبُّ الهدوء وَمُرَاقَبَةَ الطَّبيعَةَ، وَالاسْتِمْتاعَ بِجَمالِ خلق الله الْمُبْدِعِ، فِي وَقْتِ فَرَاغِه يَرْسُمُ لَوْحَات جَميلَة، لِلْجِبَالِ وَالْحُقُولِ وَالأَنْهارِ.
وَسيمٌ لَا يُحِبُّ يَوْمَ الْخَميسِ، حَيْثُ يَضْطَرُّ لِلذَّهَابِ إلى مَعْهَدِ الْمُوسِيقَى تَحْتَ اِلْحَاحٍ مِنْ أَبِيهِ، كَانَ يَكْرَهُ صَخَبَ السَاكْسَافُونَ وَ الْغِيتَارَ، وَالْأَصْوَاتَ الْعَالِيَةَ لِبَاقِي الْآلَاتِ الْمُوسِيقيَّةِ.
قَالَ الْأَبُ مُخَاطِبًا وَسيمًا:
– المُوسِيقَى تُهَذِّبُ النَّفْسَ وَ تُريحُ الْأَعْصَابَ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ هُنَاكَ مُوسِيقِيِّينَ مَعْرُوفينَ فِي التّاريخِ بِتَأْليفِ أَجْمَلِ السِّمْفُونِيَّاتِ: كَبِتْهُوفْنْ وَمُوزَارْتْ، أُريدُكِ يَا وَسيمُ أَنْ تُحَقِّقَ حُلْمي وَ تُؤَلِّفَ أَجْمَلَ الْمَقاطِعَ أَنْتَ أَيْضًا، أَتَعْلَمُ يَا وَلَدِي، حِينَ كُنْتُ صَغِيرًا، كُنْتُ يَتِيمًا فَقِيرًا، لَمْ أَجِدْ أَبًا يُوَفِّرُ لِي مَصَاريفَ تَعَلُّمِ الْمُوسِيقَى فِي أَكْبَرِ الْمَعاهِدِ، لَكِنَّ الْحَالُ مَعَكَ مُخْتَلِفٌ جِدًّا، سَأُوَفِّرُ لَكَ يَا وَلَدِي كُلَّ مَا تَشْتَهِي وَ تَتَمَنَّى.
قَالَ وَسِيمٌ بِتَرَدُّدٍ:
– لَكِنْ يَا أَبِي، ذَلِكَ كَانَ حُلُمُكَ أَنْتَ، أَنَا لَا أُحِبُّ المُوسِيقَى، أُريدُ أَنْ أَتَّعَلَّمَ الرَّسْمَ، أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ رَسَّامًا مِثْلَ لْيُونَارْدُو دَافِينْشِي أَوْ بِيكَاسُو.
![]() ![]() |
من قصص الأطفال – قصة: لَا أُحِبُّ الْمُوسِيقَى – تأليف: زهرة ديكر – المغرب – موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
أَجَابَ الْأَبُ بِمَضَضٍ:
– مَاذَا رَسْمْ؟ تَرْسُمُ أَشْخَاصًا وحَيَوانات؟ وَمَاذَا سَتَسْتَفِيدُ مِنْ هَذَا، حَتّى أَنَّهُ دُونَ مَعْنَى، أَنْتَ لَا تَعْرِفُ مَصْلَحَتَكَ يَا وَسيمُ، لَنْ أَدَعَكَ تُفْسِدُ مُخَطَّطاتِي لِمُسْتَقْبَلِكَ، يَجِبُ أَنْ تَتَعَلَّمَ الْمُوسِيقَى وَكَفَى.
لَمْ يَجِدْ وَسيمٌ مَا يُقْنِعُ بِهِ وَالِدَهُ، وَ اِسْتَسْلَمَ لِأَوامِرِهِ مُرْغَمًا.
مَرَّتْ أَيّامٌ وَ وَسيمٌ لَا يُحْرِزُ أَيَّ تَفَوُّقٍ فِي تَعَلُّمِ الْمُوسِيقَى، لَكِنَّ والِدَهُ لَا يَزَالُ مُصِرًّا عَلَى رَأْيِهِ.
مَرَّتْ شُهورٌ، وَفِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ دَخَلَ الْأَبُ المَعْهَدَ لِيَسْأَلَ عَنْ مَدَى تَحَسُّنِ اِبْنِهِ وَسيم فِي دُرُوسِ الْمُوسِيقَى، وَبَيْنَمَا كَانَ يَنْتَظِرُ لِمُقَابَلَةِ الْمُديرَ، لَمَحَ ثَلَاثَ لَوْحَاتٍ تُزَيِّنُ الْحائِطَ لِآلاتٍ مُوسِيقيَّةٍ جَميلَةٍ جدًا، كَانَتِ اللَّوْحاتُ مَرْسُومَةً بِدِقَّةٍ وَبَراعَةٍ، حَتَّى لَيُتَخَيَّلُ لِلرَّائِي أَنَّهَا صُوَرٌ حَقيقيَّةٌ لَا رَسْمٌ يَدَوِيٌّ.
![]() ![]() |
من قصص الأطفال – قصة: لَا أُحِبُّ الْمُوسِيقَى – تأليف: زهرة ديكر – المغرب – موقع (كيدزوون | Kidzooon) |
قَال الْمُديرُ مُخَاطِبًا الْأَب:
– رَسْمٌ بارِعٌ أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟
أَجَابَ الأَبُ:
– فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ اِعْتَقَدْتُ أَنَّها حَقِيقِيَّةٌ، خَاصَّةً لَوْحَةَ آلَةِ الْعُودِ، لَدَيَّ نَفْسُ الْآلةِ فِي الْبَيْتِ، مَا أَجْمَلَها مِنْ لَوْحَةٍ!
اِبْتَسَمَ الْمُديرُ، وَقَالَ:
– هَذِهِ الَّلوَحَاتُ هَديَّة مِنْ اِبْنِكَ وَسيم، أُنْظُرُ لِلتَّوْقِيعِ!
لَمْ يُصَدِّقْ الْأَبُ مَا سَمِعَ، اِبْنُهُ وَسيمٌ رَسَمَ هَذِهِ التُّحَفَ الرّائِعَةَ!
حِينَهَا أَدْرَكَ الْأَبُ أَنَّ اِبْنَهُ مَوْهوبٌ فِي فَنِّ الرَّسْمِ، وَتَرْكُ مَوْهِبَةٍ مِثْلَ هَذِهِ دُونَ تَصْقِيلِهَا وَتَهْذيبِهَا بِتَعَلُّمِ فُنُونِ الرَّسْمِ عَلَى يَدِ أَسَاتِذَةٍ كِبارٍ لَهُوَ ظُلْمٌ وَغَباءٌ.
أَخِيرًا سَيَتَحَقَّقُ حُلُم وَسيم، وَسَيتَعَلَّمَ فِي أَكْبَرِ مَعاهِدِ الرَّسْمِ.
أَدْرَكَ الْأَبُ أَنَّ لِكُلِّ اِنْسانٍ حُلْمَهُ الخاصَّ بِهِ، وَعَلَيْهِ وَحْدَهُ فَقَطْ أَنْ يُدْرِكَهُ وَ يَعْمَلَ عَلَى تَحقيقِهِ، فَبَدَأَ هُوَ أَيْضًا بِتَعَلُّمِ المُوسِيقَى، فَلَا شَيْءَ مُسْتَحيلٌ مَعَ الحَياةِ.
![]() ![]() |
من قصص الأطفال – قصة: لَا أُحِبُّ الْمُوسِيقَى – تأليف: زهرة ديكر – المغرب – موقع (كيدزوون | Kidzooon) |