مداخلة في النّدوة العلميّة: مجلّة “غيمة” للأطفال واليافعين تدخل العصر الرّقمي- مالك الشويّخ
مداخلة في النّدوة العلميّة:
” الورقي والرّقمي في أدب الطّفل. أيّ علاقة؟ أيّ مآلات؟ “
مجلّة “غيمة” للأطفال واليافعين تدخل العصر الرّقمي.
بقلم: مالك الشويّخ
يشهد عالمنا كلّ يوم تغيّرات هامّة في كلّ المجالات، هي وليدة تطوّر كبير ويتساءل الكثيرون إن كان هذا التطوّر تحت السّيطرة أو هو منفلت من كلّ عقال، ومن هذه التغيّرات الثورة الرّقميّة إلى ظهور الروبوتات المتطوّرة والجدل الدّائر حول الذّكاء الاصطناعي واحتلال المسألة البيئية منزلة لم تحظ بها سابقا ولا داعي للحديث عن الحروب وما عرفته من تطوّر في الأسلحة الفتّاكة وهو ما نشاهده في عالم يزعم أنّه قريةٌ صغيرة ويدّعي العولمة ويتبجّح بنظام عالمي جديد يريد أن يأتي على الأخضر واليابس بل أصبحنا عاجزين عن فهمه، هذه بعض سمات عصرنا وسمات القرن الواحد والعشرين، وما يعنينا في هذه الندوة التي كان لجمعيّة معرض صفاقس لكتاب الطّفل شرفَ تنظيمها بالاشتراك مع كليّة الآداب بصفاقس هو هذا الصراع الخفيّ تارة والظّاهر تارة أخرى بين ما أصبح معروفا بالورقي والرقمي. وتساؤل ما انفكّ يتردّد عن مآلات هذا الصّراع.
وما سنهتمّ به في هذه المداخلة هو ما قمنا به من تجربة تخصّ أدب الطّفل أو هي مغامرة مازلنا في بداياتها وأعني الاستفادة من الثّورة الرّقميّة وتوظيف الجديد فيها في مستوى ثقافة الطّفل وتخصيصا أدب الطّفل واليافع في العالم العربي.
لقد ظهر الفضاء الافتراضي بإيجابيّاته وسلبيّاته وبدأ يتوسّع وصارت الحواسيب والهواتف الذكيّة.. واقعا اجتماعيّا وثقافيّا لا يمكن تجاهله، ولأنّنا نتوق إلى التعبير والتواصل متحرّرين من القيود ظهرت في عالم النت صفحات وصفحات مهتمّة بكلّ شأن وشأن، ومنها الشأن الثقافي وضمنه يندرج أدب الطّفل، صفحات للتّعارف بين الأدباء وصفحات لنشر إنتاجهم وأخرى لمناقشة قضايا عصيّة تتعلّق بأدب الطّفل. مع طرح جدّي وعميق للقضايا يقابله أحيانا استسهال ومجاملات ورغبة جامحة للظهور والتعريف بالإنتاج الأدبي والأنشطة التي تنجز وكثيرا ما يقود الاستسهال إلى تعطيل العمل واختفائه.
التأسيس:
التعريف بمدوّنة كيدزوون ومجلّة غيمة
نشأت مدوّنة كيدزوون في منتصف عام 2020 على إثر ظهور جائحة الكوفيد. وانطلقت المدوّنة من فلسطين المحتلّة وتحديدا من غزّة، واستمرت هذه المنصّة حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم بجهود عدد كبير من الكتّاب والمبدعين من المتطوعين من كافة أنحاء الوطن العربيّ.
كان منطلق مشروعنا الثّقافي في أدب الطّفل وأعني مدوّنة كيدزوون، ثمّ مجلّة غيمة نقاشا حول مشكلة النّشر الورقي وما فيه من مشاكل من بينها ضمان الحقوق الماديّة والأدبيّة للمبدعين وقادنا ذلك ضمن مجموعة ” كيف تصبح كاتبا للأطفال” التي يشرف عليها الأستاذ أحمد بنسعيد من المغرب، إلى ضبط مدوّنة نظرية للحقوق الماديّة والأدبيّة وذلك لتجاوز ما يعانيه الكتابُ والرسّامون والمصمّمون من مشاكل عديدة (مدوّنة الحقوق الماديّة والأدبية منشورة ويمكن الاطلاع عليها)، وأثمر النقاش الجدّي لإنشاء فضاء رقميّ، وكانت بداية العمل أن بادرت الأستاذة روند حمودة البايض وهي أديبة ومصمّمة وفنّانة من غزّة إلى تجميع ما يتعلّق بأدب الطفل من كتابات نقدية وآراء ونقاشات حول القضايا الثقافية الخاصّة بأدب الطفل وبتطوير هذا العمل ومشاركة المتطوّعين تحت إشرافها ظهرت مدوّنة كيدزوون، ثمّ ولدت مجلّة غيمة. لذا تعتبر روند حمودة البايض هي مؤسسة المدوّنة.
مجلّة غيمة
هي مجلّة رقمية فصلية للأطفال واليافعين، تصدر 4 مرّات في السّنة وتحتوي على موادّ مختلفة قارّة وغير قارّة بأبواب متنوّعة وغنيّة… وتنشر قصص الأطفال والأشعار والأناشيد والمسرح بالإضافة إلى الأشرطة المصوّرة والمقالات التربوية والبيئية وللتعريف بالحيوان والبلدان بالإضافة إلى الألعاب وهي بذلك لا تختلف عن سائر مجلاّت الأطفال.
ونظرا لما تعيشه غزّة الصامدة من حصار وإبادة جماعيّة وعدوان همجي على مرأى من دول العالم ارتأت هيئة التحرير إهداء العدد العاشر الّذي سميناه عدد التحدّي إلى الأستاذة روند البايض التي غابت عنّا أخبارها سوى تطمينات بين الحين والآخر وهو ما جاء في افتتاحيّة العدد العاشر من مجلّة ” غيمة” بقلم زينب دليل التي حملت المشعل بدلها تقول بإيجاز: ” اسمحوا لي أحبّائي أن أهدي باسمي وباسمكم هذا العدد “عدد التحدّي” لصديقتنا في غزّة التي غابت عنّا إلى حين، الأستاذة روند حمودة البايض مؤسسة موقع كيدزوون ومجلّة غيمة للأطفال واليافعين.”
وفي ما يلي أوجزنا ما تتميّز به مجلّة غيمة:
الخاتمة
إخراج المجلّة إلى القرّاء ليس أمرا سهلا فهو يستدعي جهودا جبّارة ويعود الفضل في تواصل العمل إلى الفريق المشرف عليها وأشاد رئيس التحرير مالك الشويّخ في افتتاحية العدد الثالث بعمل الفريق وذكر الخصال التي تحلّى بها وذكر ثلات خصال هي التّفاني في العمل بروح الفريق المتعاون والمتضامن والمتسامح، والخصلة الثانية هي التطوّع أمّا الخصلة الثالثة فهي إيماننا بضرورة دخول العصر الرقمي وأن يكون لنا أدب رقمي للطفل.
الآفاق الواعدة.
بالعودة إلى موضوع الندوة وما فيه من سؤال خطير عن المآلات أورد الملاحظات التالية بعجالة إثراء للنقاش:
- النشر الرقمي أصبح حقيقة لا يمكن تجاهلها فالكتب والمجلّات متوفّرة في عالم النات وفي كثير من الأحيان تكون مجانية.
- النشر الرقمي غير مكلف مقارنة بالكتاب الورقي الّذي ما انفكّت أسعاره في ازدياد وتصاعد.
- هل يضمن النشر الرقمي حقوق الأديب والرسّام والمصمّم الجواب هو بالنفي والإيجاب فالحقوق المعنوية محفوظة والكاتب يستطيع أن ينشر نصّه ويعرّف بعمله إلاّ أنّ الحقوق الماديّة غير مضمونة وتحتاج إلى تنظيم .
- الكتاب الورقي والرقمي يمكن أن يتعايشا مع العلم أنّ التكنولوجيا تتطوّر باستمرار وقد تحمل حلولا مستقبلية تيسّر توفّر الكتاب بسعر معقول يصل إلى القارئ بتقنيات حديثة ستفرض نفسها بحكم سنّة التطوّر التي يعيشها عالمنا.
- وأختم أخيرا بهذه الصور التي أرسلتها لنا أديبة صغيرة هي ملك من الأردن وعمرها 10 سنوات، نشرت لها مجلّة غيمة قصّة. وقامت ملك بطبع المجلّة الرقمية وقدّمت لنا الشهادة التالية اخترت أن تكون خاتمة لهذا المداخلة تقول ملك:
- طبعت المجلّه لأنّها نشرت لي قصّة من تأليفي وهي:” بماذا تشاركنا أيّها القمر؟”، المجلة الرقمية جميلة جدّا وهي جميلة عندما تطبع ورقيا واستمتعت جدا بقراءة الأعمال الموجودة داخلها وكان أصدقائي سعداء بقصّتي، وبباقي الأعمال الموجودة داخل المجلة، وكلّ يوم تستعير صديقاتي المجلّة منّي ومن المكتبة.”
مالك الشويّخ
** نظّمت الندوة العلميّة وحدة البحث بجمعيّة معرض صفاقس لكتاب الطّفل بالشّراكة مع كليّة الأداب والعلوم الانسانيّة بصفاقس ضمن فعاليّات جمعيّة معرض صفاقس لكتاب الطفل يومي 9 و 10 فيفري 2024 بالمركّب الثّقافي محمّد الجمّوسي.