تاريخ أدب الطفل
من مقالات أدب الطفل:
تاريخ أدب الطفل
بقلم: رفقه عماد
تاريخ أدب الطفل
أدب الأطفال هو مجموعة من الأعمال المكتوبة والرسوم التوضيحية المرافقة التي تم إنتاجها بهدف تسلية أو تعليم الأطفال. هذا النوع يشمل مجموعة واسعة من الأعمال، بما في ذلك الأعمال الكلاسيكية المعترف بها في أدب العالم، وكتب الصور والقصص سهلة القراءة التي كُتبت خصيصًا للأطفال، بالإضافة إلى الحكايات الخرافية، والأناشيد الهادئة، والأمثال، وأغاني الفولكلور، وغيرها من المواد التي تم نقلها في الأساس عن طريق الشفه.
تاريخ أدب الطفل يمتد عبر العصور والثقافات، حيث كانت القصص والحكايات وسيلة لتربية الأجيال الصاعدة ونقل القيم والمعرفة. في العصور القديمة، كان الأطفال يتلقون تعليمهم الأساسي من خلال الحكايات الشفهية والأساطير التي تحكيها لهم الأجيال السابقة. مع مرور الوقت، بدأت القصص تُسجل كتابيًا وتصبح متاحة لشرائح أوسع من المجتمع. اختلف الباحثون حول دوافع نشأة أدب الطفل، فذهب البعض إلى أن جذوره تعود إلى التراث الشعبي، حيث كانت الحكايات والأغاني تُروى للأطفال في أجواء الأسرة والمجتمع. بينما رأى البعض الآخر أن نشأته كانت حديثة، حيث نشأ في أحضان التربية والتعليم، لتلبية حاجات الأطفال التعليمية والترفيهية.
جدول المحتويات:
مصادر نشأة وتطور أدب الطفل
يرى العديد من الباحثين أن الترجمة كانت عنصرًا مهمًا في نشأة وتطور أدب الطفل العربي، لكنها لم تكن العنصر الوحيد أو الأول، بل سبقتها عوامل أخرى لا تقل أهمية عنها. وقد حصر الدكتور جيهان محمود السيد هذه العوامل في خمسة:
1- القرآن الكريم والحديث الشريف والسنة النبوية:
تضمنت هذه المصادر العديد من القصص والحكايات التي كانت مصدرًا للإلهام للكتاب العرب، مثل قصة أصحاب الأخدود، وقصة الفيل، وقصة الهدهد وملكة سبأ، وقصة أصحاب الكهف.
2- التراث الشعبي:
احتفظ التراث الشعبي العربي بالعديد من الحكايات والأغاني التي كانت تُروى للأطفال، مثل حكايات الفلاح الفصيح، وسنوحي، وعنترة بن شداد، والأميرة ذات الهمة، وعلي بابا، وجحا.
3- الترجمة:
نقلت الترجمة العديد من الأعمال الأدبية العالمية للأطفال إلى اللغة العربية، مثل حكايات سندريلا والأقزام السبعة، ورواية أليس في بلاد العجائب، ورواية رحلة حول العالم في ثمانين يومًا، وقصة عقلة الأصبع.
4- التاريخ العربي:
تضمن التاريخ العربي العديد من الأحداث الهامة التي كانت مصدرًا للإلهام للكتاب العرب، مثل قصص الفتوحات الإسلامية والمعارك والغزوات.
5– البيئة المحيطة:
احتفظت البيئة المحيطة بالطفل العربي بالعديد من الحكايات والأساطير التي كانت مصدرًا للإلهام للكتاب العرب، مثل حكايات أمنا الغولة، والنداهة، والشاطر حسن.
وبذلك لا يمكن أن نقتصر على الترجمة فقط: فهناك العديد من العوامل التي ساهمت في نشأة وتطور أدب الأطفال العربي، مثل القرآن الكريم والتراث الشعبي والتاريخ العام.
أهم العصور في تاريخ أدب الطفل
قسم الباحث “أورئيل أوفك” تطور أدب الأطفال إلى خمسة مراحل رئيسية، وهي:
1- العصور القديمة:
وهي الفترة التي تمتد من الحضارات القديمة، حيث وجدت بعض النصوص المتبقية منذ زمن الحضارة الفرعونية.
2- العصور الوسطى:
وهي الفترة التي قام فيها رهبان الأديرة بجمع القصص القديمة التي ضمت أيضًا قصصًا للأطفال.
3- عصر الطباعة:
وهي الفترة التي بدأت فيها طباعة الكتب للأطفال في أوروبا، مثل كتاب “أمي الأوز” لشارل بيرو، وكتب الأخوان جريم، وهانس كريستان أندرسون.
4- العصر التعليمي:
وهي الفترة التي ظهرت فيها الكتب العلمية والتثقيفية للأطفال، مثل كتاب “إميل” لجان جاك روسو.
5– العصر الحديث:
وهي الفترة التي ازدهر فيها أدب الأطفال، وظهرت فيها العديد من الاتجاهات المختلفة في الكتابة للأطفال، مثل كتاب “أليس في بلاد العجائب” للويس كارول.
في المجتمعات قبل الكتابة، كان يُنظر إلي الطفل في ضوء علاقته الاجتماعية والاقتصادية والدينية مع القبيلة أو العشيرة. على الرغم من أنه قد يتم تربيته بكل حنان، إلا أنه يُعتَبَر ليس كفرد ذاتي، بل كفترة ما قبل البلوغ، وهي واحدة من صوره الكثيرة. بين اليهود في العهد القديم، كان مكان الطفل في المجتمع يعكس مكانة والده، يتشكل وفقًا لعلاقته بالله. وبالمثل، في اليونان وروما القديمتين، كان يُفتَرَض أن الطفل، الذي كان يرتدي ملابس البالغين المعدلة والتي استمرت مع تغييرات الموضة المناسبة، يُصوَّر على أنه بالغ صغير الحجم. كانت أهميته ليست في ذاته، بل في ما يمكن أن يُطلق عليه أرسطو مصطلح “السبب النهائي”: المواطن المحتمل والمحارب. كانت الطفلة تعتبر بذرة لمستقبل المواطنين والمحاربين. وبالتالي، إما أن يتجاهل الأدب الكلاسيكي الطفل تمامًا أو يسيء فهمه.
عبر العصور الوسطى وحتى أواخر عصر النهضة، ظل الطفل، كما يُقال، “تيرا إنكوغنيتا”، أي أنه منطقة غير معروفة. ومن أهم دوافع أدب الأطفال هو شعور حاد بفجوة الأجيال، حيث أن الطفل كان نادرًا ما كان موجودًا. العائلة، الشباب والشيوخ على حد سواء، كانوا نوعًا من المزيج المتجانس. في بعض الأحيان، تم اعتبار الأطفال حتى على أنهم غير بشريين: بالنسبة لمونتيني، ليس لديهم “أنشطة عقلية ولا هيئة جسدية معروفة.” كان عام 1658 نقطة تحول. في ذلك العام، قام المربي المورافي، كومينيوس، بنشر كتاب “أوربيس سينسواليوم بيكتوس” (العالم المرئي في الصور، 1659)، وهو كتاب تعليمي وأول كتاب صور للأطفال. كان يتضمن رؤية جديدة: يجب أن تكون قراءة الأطفال من نوع خاص لأن الأطفال ليسوا ببساطة نسخًا مصغرة من البالغين. ولكن استغلال هذه الرؤية بوعي ونظام ونجاح انتظر لمدة تقريبًا قرن تقريبًا.
يُعتقد عمومًا أن الطفل، سواء كشخص يستحق اهتمامًا خاصًا أم كفكرة تستحق التأمل الجاد، بدأ في أن يكتسب هويته الخاصة في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. ظهوره، وكذلك ظهور أدب يتناسب مع احتياجاته، مرتبط بالعديد من القوى التاريخية، منها تطور الفكر الإنساني في عصر النهضة (روسو وقبله، جون لوك)؛ صعود الطبقة الوسطى؛ بدايات تحرير المرأة (أدب الأطفال، على عكس أدب البالغين، هو إلى حد كبير منتج من النساء) . ومع كل هذه القوى التي تعمل من أجل الطفل، قد لا يكون قد ظهر لو لم يكن هناك بعض العباقرة مثل: ويليام بليك، وإدوارد لير، ولويس كارول، وجورج ماكدونالد، ولويزا ماي آلكوت، ومارك توين، وكولودي، وهانز كريستيان أندرسن. ولكن بمجرد أن تم تصوّر الطفل على أنه كائن مستقل، يمكن أيضًا تصور أدب مناسب له. وهكذا، في منتصف القرن الثامن عشر، بدأ ما يمكن تعريفه على أنه أدب الأطفال يتطور أخيرًا.
رواد أدب الطفل العربي والعالمي
رواد أدب الطفل قاموا بتحديد مجرى هذا النوع الأدبي وساهموا في تطويره على مر العصور، سواء على الصعيدين العربي والعالمي. إليك بعض من أبرز هؤلاء الرواد:
رواد أدب الطفل العربي:
- جبران خليل جبران (1883-1931): كتب “النبي”، الذي يحتوي على مقولات وعبر تصلح للقراءة للأطفال، وساهم في تطوير الأدب العربي للأطفال.
- أحمد شوقي (1868-1932): قام بكتابة العديد من القصائد والقصص الموجهة للأطفال وساهم في تعزيز ثقافة القراءة بينهم.
- رفيق شامي (1868-1940): عُرِف بكتابته للقصص والروايات التي تستهدف الأطفال، وعُرِف بشهادته في تعليم الأطفال.
- سمية طومان (1904-1995): أديبة فلسطينية اشتهرت بكتابتها للقصص والروايات للأطفال التي تحمل قيمًا إنسانية واجتماعية.
رواد أدب الطفل العالمي:
- هانس كريستيان أندرسن (1805-1875): الدانماركي الشهير الذي كتب العديد من القصص الخرافية المشهورة مثل “الأميرة القبيحة” و”زهرة الثلج”، وقد ساهم بشكل كبير في تطوير أدب الأطفال العالمي.
- لويس كارول (1832-1898): المعروف بكتابة رواية “أليس في بلاد العجائب”، والتي أصبحت من أشهر الروايات الخيالية للأطفال في العالم.
- بياتريكس بوتر (1866-1943): كتبت سلسلة من القصص الرائعة للأطفال مثل “قصة بيتر رابيت” و”جيريمي فيشر”، وساهمت في تطوير أدب الأطفال بأسلوبها الفريد.
- روالد دال (1916-1990): مؤلف قصص مشهورة مثل “تشارلي ومصنع الشوكولاتة” و”ماتيلدا”، وعُرِف بأسلوبه الطريف والفريد الذي يجذب الأطفال.
هؤلاء الرواد هم جزء من تاريخ أدب الطفل العربي والعالمي، وقد تركوا بصماتهم البارزة من خلال كتاباتهم التي أثرت في أجيال كبيرة من الأطفال وساهموا في تطوير هذا النوع الأدبي.
الكشف عن عالم الأطفال في أدب الطفل
الأدب الذي يتحدث عن ذاته ينبع من الاعتراف بموضوعه الصحيح. وفيما يتعلق بأدب الطفل، يكون الموضوع الصحيح هو الأطفال، باستثناء الأعمال التعليمية والموجهة. ولكن بشكل أوسع، يتضمن هذا النوع من الأدب كامل محتوى عالم الخيال للأطفال وعالمهم اليومي، بالإضافة إلى بعض الأفكار والمشاعر التي تميزهم. هذا العالم الساحر يضمّ ليس فقط الأطفال أنفسهم، بل أيضًا الأشياء المتحركة والنباتات، وحتى المفاهيم اللغوية والرياضية؛ والألعاب والدمى الحقيقية والخيالية؛ والحيوانات الحقيقية والخيالية والمخترعة؛ والبشر الصغار أو العمالقة؛ والأرواح والكائنات الخيالية للخشب والماء والهواء والنار والفراغ؛ والكائنات الخارقة والخيالية؛ وشخصيات الحكايات الخرافية والأساطير، والأصدقاء والبالغين كما يراهم الأطفال، سواء كانوا نابليون أو الدكتور دوليتل أو الوالدين أو بائع البقالة في الحارة.
معايير تقييم أدب الطفل
لقياس درجة تطور أدب الأطفال في أي بلد، يمكن استخدام مجموعة من المعايير، بعضها فني وبعضها الآخر مرتبط بالتقدم الاجتماعي والثروة والمستوى التكنولوجي والبنية السياسية.
أهم هذه المعايير هي:
1- درجة الوعي بهوية الطفل.
2- التخلص من الاعتماد السلبي على التقاليد الشفوية والفولكلور والأساطير.
3- ظهور طبقة من الكتاب المحترفين المتخصصين في أدب الأطفال.
4- درجة الاستقلال عن الضوابط الاستبدادية.
5- وجود عدد من “الكلاسيكيات” التي يتجاوز تأثيرها الحدود الوطنية.
6- ابتكار أشكال أو أنواع أدبية جديدة واستغلال مجموعة متنوعة من الأشكال التقليدية.
7- درجة الاعتماد على الترجمات.
قائمة المراجع باللغات الأجنبية
Fadiman, Clifton. “children’s literature”. Encyclopedia Britannica, 8 Sep. 2023
2023 Children’s Literature Lecture”, American Library Association, February 25, 2022″