Skip to content Skip to footer

كيف ندرّب الأطفال على الصّيام؟ – بقلم: نسرين سالم

احفظ هذه الصفحة في قائمة "المفضّلة" الخاصّة بك - فضّله (0)

لبيس لديك حساب في موقع كيدززون؟ قم بإنشاء حساب

من مقالات تربية الطفل:

كيف ندرّب الأطفال على الصّيام؟

بقلم: نسرين سالم

أفكار وتساؤلات تجول في بال كلّ الأمّهات في وقت من الأوقات عندما يحلّ شهر رمضان شهر الرّحمة والغفران. هل أبدأ في تعويد اِبني على الصّيام هذا العام أم أنّه مازال صغيرا؟

في كلّ الأحوال بمجرّد أن يبدأ الصّغير في الإنتباه أنّ الآخرين حوله لا يأكلون أو لا يشربون خلال النّهار مثله، ويشاركهم الحديث عندما يتحدّثون عن الصّيام، هذا يعني أنّه مستعد للتّعرّف على الصّيام. من الجيّد البدء بوصف الجنّة؛ أشجارها وأنهارها وكلّ ما تتمنّى نفسه، قد يسأل عن الألعاب، يمكن إخباره أنّه سيجد كلّ ما يحبّ في الجنّة. يلي ذلك إخباره عن باب الريّان الّذي لا يدخله إلّا الصّائمين وكم سيكون سعيدا وهو يدخل الجنّة من باب الريّان! بعد ذلك ممكن أن يقدّم إليه الإقتراح التّالي: ما رأيك أن تصوم مثلنا؟ ما رأيك أن تصوم إلى آذان الظّهر؟ ويتمّ التّوضيح له عن ضرورة الإمتناع عن الأكل والشّرب إلى حين سماع الآذان. إذا وافق أن يصوم هذا خير! وإن قال: لا، سأصوم عندما أصبح كبيرا مثل أخي، هذا أيضا خير. في حال قرّر الصّيام نبدأ بتشجيعه، والتّرديد على مسامعه عند الحديث مع الآخرين أنّه صائم، وبهذا نبدأ مشوار تحبيبه بالصّيام.

ممكن أن يصوم إلى آذان الظّهر يوم أو أكثر ثمّ يقرّر أنّه سيصوم عندما يكبر، نشجّعه ونقول: أحسنت صمتَ عدّة أيّام، أنت بطل! وفي رمضان القادم ستصوم أكثر. وفي رمضان القادم قد يصوم أيّاما أكثر إلى آذان الظّهر نشجّعه ونثني عليه في الحديث المباشر معه، وفي الحديث عنه للآخرين نكرّر على مسمعه أنّه يصوم مثل إخوته، وفي رمضان الّذي بعده قد يبدأ الصّيام إلى آذان المغرب فنحتفي به اِحتفاء كبيرا خصوصا في أوّل يوم صيام كامل ونُعلي من شأنه.

أسلوب التّشجيع هذا يربط الصّيام بالمشاعر الإيجابية والسّعادة والرّضا في نفس الطّفل فيقبل على الصّيام محبّا له فخورا بنفسه. وفي هذه الحالة عندما يجوع الطّفل سيصبر لأنّه فخور بنفسه أنّه صائم، لكن أحيانا وبسبب اِنشغال الأهل وكثرة المسؤوليّات قد يغيب عن بالهم العمل على تشكيل رابط قويّ بين الشّعور بالفخر وصيام الطّفل الّذي صار يصوم كما يصوم إخوته. قد يحدث موقف لا يعجب الأهل وهو أن الطّفل عندما يجوع يأكل خِلسة للأسف! في هذه الحالة لا يجدر بالأهل معاقبة الطّفل ولا الحديث معه بطريقة تزعجه فالهدف هو تحبيبه بالصّيام وليس إجباره عليه. على الأهل أن يعملوا على تشكيل هذا الرّابط بالشّعور بالفخر والصّيام. تقديم الهدايا والمكافآت مفيد جدّا، كما أنّ القصص والحكايات لها تأثير كبير على تشكيل قناعات الطّفل، يذكّرني هذا بقصّة “الله يراني”:

يُحكى أنّ شيخا كان يفضّل أحد تلاميذه على الآخرين، فأعربوا عن اِنزعاجهم من هذا الأمر. فقام الشّيخ بإعطاء كل واحد منهم تفّاحة وطلب من كلّ واحد منهم أن يأكل التفّاحة الخاصّة به في مكان لا يراه فيه أحد. وجاؤوا في اليوم التّالي كلّهم قد أكل تفّاحته إلا الطّالب المفضّل لدى الشّيخ. سألهم الشّيخ فردا فردا عن المكان الّذي أكلوا التفّاحات فيه فأخبروه عن الأماكن الّتي اِختبؤوا فيها حتّى لا يراهم أحد، وعندما سأل طالبه المفضّل عن سبب عدم أكله التفّاحة أجاب أنّ الله يراه في كلّ مكان فيستحيل أن يأكل التفّاحة في مكان ليس فيه أحد. وهكذا اِستحقّ أن يكون الطّالب المفضّل لدى الشّيخ فهو يعلم أنّ الله يراه في كلّ مكان ويتصرّف على هذا الأساس.

وهكذا من خلال هذه القصّة الجميلة، يليها بعض الحوار، والتّأكيد أنّ الطّفل يصوم من أجل الله وليس من أجل أمّه وأبيه، وأنّ الله دائما يراه، ممكن أن يتعلّم هذا الطّفل الدّرس. من الضّروري الإستماع لرأي الطّفل باهتمام وتفهّمه ومساعدته على تخطّي الصّعوبات الّتي تقابله.

الحرص على أن يتناول الطّفل سحورا مغذّيا، وفطورا صحيّا، وتذكيره بشرب كمّيات كافية من الماء في فترة الإفطار مهمّ جدّا لمساعدته على الإستمرار في الصّيام دون تعب.

وهكذا مع الاستمرار بتشجيع الطّفل على الصّيام ومدحه على صبره، سواء صام إلى الظّهر أو العصر، أو صام ولكن أكل قليلا، أو صام ولكنّه شرب ماء فقط ولم يشرب العصير، كلّ هذه المحاولات نشجّعها ونقدرّها ونثني على الطّفل أكثر، حتّى يحبّ الصّيام أكثر، ونخبره أنّه عندما يكبر مثل أخيه أو اِبن عمّه أو جاره الأكبر منه سوف يصوم مثله وسيوافق بالتّأكيد. وبذلك نغرس حبّ الصّيام في نفس الطّفل، فينتظر رمضان التّالي بمحبّة وشوق.

——————

تم النشر بطلب من كاتبة المقال: أ. نسرين سالم.

اترك تعليقاً

Go to Top