Skip to content Skip to footer

أدب الرحلات: أهميته وخصائصه

احفظ هذه الصفحة في قائمة "المفضّلة" الخاصّة بك - فضّله (0)

لبيس لديك حساب في موقع كيدززون؟ قم بإنشاء حساب

مقالات أدب الطفل:

أدب الرحلات: أهميته وخصائصه

ما هو أدب الرحلات؟ ما أهميته وخصائصه؟ 

أدب الرحلة: أهميته وأسلوبه وخصائصه وتطوره: 

أسلوب أدب الرحلة:

يمثل أدب الرحلة لونا أدبيا له بواعثه وأهدافه وخصائصه، وله أدوات فنية، ورؤاه المضمونية. وكل ذلك يشكل مع كل رحلة أدبية، وفق غاياتها ومهارات صاحبها في الملاحظة والتسجيل. يقول صاحب معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب: “إن أدب الرحلات مجموعة من الأثار الأدبية ألتي تناول إنطباعات المؤلف عن رحلاته في بلاد مختلفة . وقد يقدم فيها تسجيل دقيق لما يراه من عادات وأخلاق ووصف للمناظر الطبيعية ألتى يشاهدها. ويسرد مراحل رحلته مرحلة مرحلة أو يجمع بين كل هذا في آنٍ واحد”[31].

“وعلى المستوى الفنى فإن أدب الرحلة يجمع بعض خصائص القصة والرواية والسيرة الذاتية ويفيد من أدوات فنية مهمة كالقصة والصورة، فيمثل لونا أدبيا فريدا”[32]. وبذلك كان للرحلات قيمتان عظيمتان، قيمة علمية وأخرى أدبية.

القيمة العلمية”هذه الرحلات تحتوى على كثير من المعارف الجغرافية والتاريخية والإجتماعية والإقتصادية وغيرها مما يسجله الرحالة تسجيل المعاين بإتصاله المباشر بالناس وبالطبيعة وبالحياة خلال رحلته، إذا كان علم الجغرافية مثلا يدرس الظواهر وتفسيرها وتوزيعها على سطح الأرض فإن الرحالة يسجل مشاهداته الجغرافية على سطح الأرض. ولم يتناول خطوة أخرى في منهجه فإنه يعمل في خدمة هذا العلم من هذا الجانب على الأقل. وعندما يتحدث عن الممالك والبلدان والأقاليم والاصقاع والمدن يصف الطبيعة وعادات السكان وتقاليدها وغير ذلك. فإنه يعد من هذه الناحية مرجعا أساسياً ومعيناً واسعاً وكبيرا للعالم الجغرافى الّذى يبحث ويدرس تلك الموضوعات”[33]. القيمة الأدبيةتعرض الرحلات في موادها من الأساليب ترفع بها إلى عالم الأدب وترقى بها إلى مستوى الخيال الفنى برغم أن أدب الرحلة يتسم من تنوع في الأسلوب من السرد القصصى إلى الوصف وإلى الحوار وغيره ومن أبرز ميزاته أنه يعتمد على السرد المشوق بما يقدمه متعة ذهنية كبرى”[34]. يقول شوقى ضيف عن أدب الرحلة ” خير رد على التهمة التى طالما اتهم بها الأدب العربى، تهمة قصوره في فن القصة ” [35]. 

“وقد يلجأ بعض الرحالين في كتابة رحلته إلى اللهو والتكلف في تزويق العبارة والعبث اللفظى إيثاراً للتعبير السهل المؤدي للغرض لنضجه بغنى تجربة صاحبه، ولايعنى هذا أن أسلوب أدب الرحلة قد تخلص من كل الصفات والعيوب الأسلوبية الأخرى، فهو يعتمد على السجع أحيانا وعلى الجفاف والصرامة العلمية أحيانا. ومع ذلك يوجد فيه من الطراوة والاخضرار واللين، وهذا الأدب يهتم اهتماماً كبيراً بتنوعه وثروة مادته، فهو تارة علمى وتارة شعبى، وهو طوراً واقعي وأسطوري على السواء تكمن فيه المتعة والفائدة معا ولا يوجد مثيل لها في أي أدب معاصر للعرب”[36].

وأدب الرحلات يتميز بوضوح الحس القصصى في سرد الأحداث واختيارها والقدرة على جذب انتباه القارىء وحسن ختام كل موقف بشكل ممتع ومثير كما فسر د. حسين نصار: “إن الرحلة الأدبية اذا لم تكن رواية ولا قصة بالمعنى الدقيق فإنما هي أخت شقيقة لهما”[37].

مكونات أدب الرحلة:

1—- المعرفة: “الرحلات ملئية بالعديد من المعارف المتنوعة والعلوم المختلفة، منها ما هو دينى، وما هو تاريخى وما هو أدبى واجتماعى وجغرافى، والرحالة يقدم هذه المعلومات لإفادة القارىء وقد أشار بعض الرحالين في مقدمات رحلاتهم على أن غايتهم هي إفادة القارىء .

2—- السرد : السرد من أهم مكونات الرحلة، ولا يمكن أن يستغنى الرحالة عنه ما دامت تنقل إلى القارىء وأحداثا وأفعالا قامت به. وهذه الأحداث والأفعال هي الإنتقال من نقطة الإنطلاق ثم العودة إليها، والسرد يبدأ مع بداية الرحلة ويستمر إلى نهايتها”[38].

3—- الوصف: “الوصف والسرد نمطان خطابيان. فالراوى يصف حين يتحدث عن الساكن ويسرد حين يتحدث عن المتحرك، وبعبارة أخرى، يتسم الوصف بالحديث عن المكان أو الأشخاص أو الأشياء ويتسم السرد بالحديث عن الفعل في الزمان ….. والوصف يتطلب دقة ملاحظة من الواصف لكى ” يستوعب أكثر معانى الموصوف حتى كأنه يصور الموصوف لك، فتراه نصب عينيك” [39].

4 —- الشعر: يعمد الرحالة إلى تضمين بعضا من الأشعار. ويرون في ذلك تأكيدا لكلامهم وتخليق الحيوية وإثارة التشويق لدى القراء وأبعاد الملل عنهم ولارتفاع قيمية رحلته.

خصائص أدب الرحلة

يتميز أدب الرحلة عن الأجناس النثرية الأخرى بعدة خصائص ومنها هي:

1 — الذاتية: تحضر ذات الرحالة في رحلته حضوراً بارزاً، وليس هذا بمستغرب ما دامت الرحلة حكيا لسفر، قامت به هذه الذات. وهكذا تحتل الذات المركز في الحل والترحال.

2 —- الحكى بضمير المتكلم مفردا أو جمعا، وهذا تجل من تجليات الذات في أسلوب الكتابة.

3—– الواقعية: الرحالة – الراوى – رجل واقعى عاش في فترة زمنية معروفة، والأشخاص الذين يتحدث عنهم، هم أيضا واقعيون عاشوا في زمن معروف، ومكان معروف، فالأماكن التي يصفها أماكن حقيقية لها وجود على الأرض. فتختلف الرحلة عن الرواية والمقامة المبنيتين على الخيال.

4 —- دورة الخطاب بالرجوع إلى نقطة الإنطلاق: فالخطاب يبدأ مع إنطلاق الرحالة من موطنه، وتسير معه إلى المكان المقصود، ويعود معه إلى نقطة الإنطلاق، وهكذا يدور الخطاب مع السفر، وينتهى من حيث بدأ.

5—- تعدد المضامين وتداخل الخطابات، يشتمل خطاب الرحلة على معارف متنوعة: دينية، وتاريخية، وجغرافية وأدبية وتتداخل فيه خطابات مختلفة: الشعر والرسالة والقصة والحكاية والوصف والسرد والحوار.

مفهوم أدب الرحلات

يُطلق مفهوم أدب الرحلات على ذلك النوع من الفنون الأدبيّة الذي يهتمّ بالانطباعات الصادرة عن المؤلف من خلال ما يقوم به من رحلات إلى البلدان على اختلاف الغايات التي حدثت من أجلها هذه الزيارات، ويترك هذا الفن من الفنون الأدبيّة لدى القارئ انطباعًا عن الآثار التي يحتوي عليها المكان الذي يتم زيارته من خلال توثيق ذلك في النصّ الأدبي لينتج ما يعرف بالآثار الأدبية، كما يصف الكاتب في مؤلفات هذا النوع من الفنون الأدبية ما تقعُ عليه عينه من تصرفات الناس وعاداتهم وما هم عليه من سلوكيات في التعامل مع من يقابلهم، كما يأتي على ذكر الأحوال المعيشيّة والأنماط الاجتماعية والاقتصادية للبلدان التي يتم زيارتها، كما كان لأدب الرحلات دور هام في الدراسات التاريخية المقارنة.

أدب الرحلات قديمًا وحديثًا

كان أدب الرحلات فيما مضى مرتبطًا بالرحالة المسلمين، حيث كانوا يعمدون إلى تدوين رحلاتهم سواء كان ذلك برغبتهم الشخصية، أم برغبة أصدقائهم، أو لما يطلبه الحكام من الرحالة الذي يصلون إلى أماكن بعيدة، وكانت هذه المؤلفات تُفيد في إرشاد الناس عند وصولهم إلى المدن التي كُتبت فيها مدونات الرحالة، فتكون هذه المدونات بمثابة دليل لهم، أما في العصر الحديث فقد تغيرت العديد من المفاهيم المرتبطة بهذا النوع من الفنون الأدبية، وأصبح يُطلق عليه في بعض الأحيان الأدب السياحي.

وقد عملت بعض الظروف على تراجع هذا النوع من الفنون الأدبية بسبب سهولة الترحال واكتشاف المناطق وتوثيق كل ما يختص بها علميًا بأسلوب مرئي أو مكتوب أو مسموع.

يتفق المؤرخون على أن الرحلة كانت من أهم عوامل الترابط والتواصل بين أنحاء العالم الإسلامي في عصور القوة، كما كانت من أهم خصائص المجتمع العربي الإسلامي في عصور الازدهار الحضاري، وساعد على الرحلات اتساع رقعة الدولة العربية بعد الفتوحات، وانطلاق المسلمين إلى مراكز العلم المختلفة.

انطلقت الرحلات لأجل التجارة مثل سليمان السيرافي، أو لأداء فريضة الحج في مكة مثل ناصر خسرو، أو حتى للتجسّس كما فعل ابن حوقل، أو طلبًا للاستطلاع وحبًا في المعرفة كحال المقدسي البشاري، أو للقيام بمهمة كأن يكون الرحالة سفيرًا للخليفة أو السلطان مثل ابن فضلان.

والثابت في كلاسيكيات الرحلات العربية أن معظم الرحالة كانوا يحرصون على تدوين مشاهداتهم، وتسجيل أخبار رحلاتهم وأسفارهم، والطرق التي سلكوها، والمسافات التي قطعوها، فيصفون المدن التي نزلوا فيها، ويذكرون الصعوبات التي واجهتهم، ويسهبون في الحديث عما عاينوه من مظاهر الحضارة في كل بلد.

يشير المؤرخ نقولا زيادة في كتابه “الجغرافية والرحلات عند العرب” إلى أنّ “رحلة المغاربة إلى المشرق كانت، على وجه العموم، أكثر من رحلة المشارقة إلى المغرب. فمركز الحج في الشرق، ومدن العلم الأولى فيه، فكان من الطبيعي أن يزور المغاربة الشرق أكثر من زيارة المغاربة المشارقة لبلادهم”.

يتوقف “ركن الوراقين” عند ثلاث رحلات كتبها كلّ من: ابن جبير، وابن بطوطة، وابن فضلان.

1. تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار

ولد أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكناني، المعروف بابن جبير الأندلسي في بلنسية 1145 ميلادي. تلقى تعليمه على شيوخ عصره في شاطبة وغرناطة وسبتة.

قام ابن جبير الأندلسي بثلاث رحلات إلى المشرق، حين عاد من الأولى إلى الأندلس ليدوّن رحلته وصلته أخبار فتح صلاح الدين الأيوبي لبيت المقدس، فرحل مرى أخرى إلى المشرق، وحين عاد منها قرّر الاستقرار والزواج في سبتة، إلا أنه بعد وفاة زوجته رحل مرة ثالثة إلى المشرق ونزل في الإسكندرية التي ظل فيها حتى وفاته.

كتابه “تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار”، المعروف اختصارًا بـ “رحلة ابن جبير”، أشبه بمذكرات يومية سجل فيها ملاحظاته ومشاهداته لما مر به في رحلة الإسكندرية والقاهرة والفسطاط وقرص وعيذاب ومكة والمدينة والكوفة وبغداد والموصل وعكا وصقلية.

اهتم ابن جبير الأندلسي في كتابه بوصف المساجد والأضرحة والآثار، كما عني بالمظاهر الاجتماعية والاقتصادية في البلاد التي زارها. ووصفه للآثار يدل على دقة الملاحظة، وملاحظاته على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي من أهم الوثائق التي تصور الحياة في الشرق الأدنى من العالم الإسلامي في عصره.

2. تحفة الأنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار

ولد محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي، المعروف باسم ابن بطوطة، عام 1304 في مدينة طنجة. نشأ في بيئة علمية، فقد كانت أفراد عائلته ممن أتيح لهم تولي مناصب سياسية ودينية.

يعد أعظم الرحالة في الثقافة العربية نظرًا لتطوافه في آفاق الأرض، وعنايته بسرد أدق تفاصيل الرحلة التي قام بها خلال ما يقارب الثلاثين عامًا، كما وصفها في كتابه “تحفة الأنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”، المعروف برحلة ابن بطوطة.

يقول نقولا زيادة في “الجغرافية والرحلات عند العرب”: “الرجل الذي يقضي ثماني وعشرين سنة من حياته ينتقل في أجزاء العالم المعروف، فتحمله أسفاره من طنجة إلى مصر، عبر شمال أفريقيا، ثم إلى الشام، وبعد أن يؤدي فريضة الحج يزور إيران وبلاد العرب وشرق أفريقيا، ويدخل القرم وحوض الفولغا الأدنى ويعرّض على القسطنطينية، بعد هذا كله يمعن في الرحلة شرقًا إلى خوارزم وبخارى وكردستان وأفغانستان والهند والصين وجزر الهند الشرقية وجزر الملديف، وبعد أن يعود إلى بلده يعادوه الحنين إلى السفر فيزور الأندلس والسودان، ويقطع في أسفاره ما لا يقل عن 120,000 من الكيلومترات؛ إن رجلًا هذا شأنه يعتبر بحق شيخ الرحالين العرب، وسيد الرحالين إطلاقًا في عصره، أي في القرن الثامن (الرابع عشر الميلادي)”.

3. رحلة ابن فضلان

لم يكن أحمد فضلان، مولى القائد العباسي محمد بن سلمان، رحالة بل رجل فقه ودين، وكانت رحلته بتكليف من الخليفة العباسي المقتدر، تلبية لطلب ملك البلغار إرسال وفد من الوعاظ لنشر الدين الإسلامي في تلك المناطق، التي تشمل بلاد الصقالبة، وهي بلغاريا وروسيا وما يجاورهما اليوم.

لا توجد معلومات كافية عن حياة ابن فضلان في كتب التاريخ، رغم أن الكثير من مؤلفي كتب المسالك نقلوا عنه.

يقول سامي الدهان، محقق الرحلة، في مقدمته لها: “تصف بلاد الروس والبلغار والأتراك في القرن العاشر للميلاد وصفًا لا يكاد يقع إلا في هذا المصدر، والروس أنفسهم عادوا إليه وقرؤه ودرسوه ونشروا منه وترجموه منذ مئة عام”

كان نص الرحلة تقريرًا كتبه ابن فضلان، لهذا تضمن معلومات جغرافية وأنثروبولوجية واقتصادية، لكل ما رآه أنه يمثل أهمية للإدارة العباسية المركزية، كما يزخر بمعلومات كثيرة عن عادات الشعوب وقبائلهم ولغاتهم.

اعتمد الروائي الأمريكي مايكل كريتشتون على هذه الرحلة في روايته “أكلة الموتى”، التي تحولت إلى فيلم “المحارب الثالث عشر”، ولعب الممثل الإسباني أنطونيو بانديراس دور بن فضلان.

المصدر: ركن الورّاقين: أدب الرحلة والمكان

تم نقل هذا المقال لتعم الفائدة على الجميع، في حال كان لدى الناشر و/أو الكاتب/ة رغبة بحذف المقال يرجى مراسلتنا لنقوم بحذفه على الفور.

اترك تعليقاً

Go to Top