مرج المحيطان: قارّة أمريكا الجنوبيّة
“من مواضيع مجلة غيمة – العدد 7”
بقلم: د. نيللي كمال الأمير


أصدقائي أصدقاء غيمة في العدد السّابق سافرنا إلى العالم الجديد للتّعرف على أمريكا الشّماليّة، نستأنف اليوم رحلتنا للنّصف الغربيّ من الكرة الأرضيّة أو للرّبع الجنوبيّ الغربيّ من العالم. فتعالوا بنا نتعرّف على قارّة أمريكا الجنوبيّة.
تحتضن أمريكا الجنوبيّة 12 دولة. بعضها كبير كالبرازيل بعدد سكان يزيد على المائة مليون، أو الأرجنتين وهي شعوب عاشقة لكرة القدم وتجيد لعبها كما تعلمون. في مقابل بعض دول القارّة الصّغيرة للغاية كدولة سورينام بعدد سكّان لم يكمل المليون الواحد بعد. أمريكا الوسطى والشّماليّة هي حدود القارّة من الشّمال بينما يحدّها المحيط الأطلسيّ من الشّرق والمحيط الهادئ من الغرب ويلتقي المحيطان ليشكّلا حدود أمريكا الجنوبيّة المائية جنوبا.
أثّرت تلك السّواحل الممتدّة على تطوّر المعيشة في القارّة، فقد بدأت الحياة فيها قبل أكثر من عشرة آلاف سنة، عندما عبر بعض سكّان شرق آسيا المحيط وصولا لساحل أمريكا الجنوبيّة، مستقلّين قوارب بدائيّة للغاية وقد صنعت من الخشب أو الجلد. وتمرّ العقود والقرون لتتغيّر الحياة وتتغيّر معها الثّقافة والعادات والتّقاليد في أمريكا الجنوبيّة كليّا، وذلك بسبب رحلة بحريّة أطول وأكثر تقدّما هذه المرة فقد وصل كريستوف كولومبوس البحّار الإيطاليّ للقارّة في القرن الخامس عشر ميلاديّا، وبعدها تقاسمت إسبانيا والبرتغال السّيطرة على دول القارّة. وحتّى اللّحظة سنجد أنّ اللّغتين الإسبانيّة والبرتغاليّة هما الأوسع انتشاراً رغم أنّ لغة السكّان الأصليّين كانت لغة كويشوا.
تتمتّع أمريكا الجنوبيّة بالعديد والعديد من الموارد والثّروات ولذلك لم يكن مستغرباً أن تسعى إليها القوى الكبرى في كلّ وقت فهي غنيّة بالذّهب والفضّة والنّحاس والحديد والنّفط، علاوة على نهر الأمازون بغاباته الأكبر في العالم والغنيّة بموارد طبيعيّة هامّة كالمطاط، وبها سلسلة جبال الإنديز والممتدّة بطول 7000 كم على السّاحل الغربيّ للقارّة بارتفاع يصل في المتوسّط إلى 4000 متر.
يطول الحديث عن أمريكا الجنوبيّة المتنوّعة ثقافيّا وتاريخيّا واقتصاديّا ولكن سنذكر أنّها شهدت حضارات كالإنكا ونورتي شيكو، كما أنّها تتفرّد بتخليد ذكرى عظماء أثّروا في صناعة هذا التّاريخ، فدولة كولومبيا أخذت اسمها من المستكشف كولومبوس، ودولة بوليفيا سمّيت كذلك عرفانا بفضل سيمون بوليفار على دول القارّة في تحقيق الاستقلال بدايات القرن التّاسع عشر، حتّى نهر الأمازون سمّي على اسم قبيلة من المحاربين الّتي عرفت بمهارة المحاربات.
نصل بذلك أصدقائي الأعزّاء إلى نهاية سلسلة قارّات العالم الّتي بدأناها بالإبحار إلى أقصى الشّرق والتّعرّف على آسيا أو القارّة الصّفراء. واليوم نختمها بأقصى الغرب مع أمريكا الجنوبيّة.
ونلقاكم في العدد القادم مع سلسلة جديدة إن شاء الله للتّعرّف على عالمنا الكبير والمبهر.

