من قصص الأطفال:
الْعجوزُ وحبّاتُ الْحنطةِ
بقلم: خلود الشّاوي
تهاوت حُبوب الْحنطة من عُلبتها، وتناثرت على الأرض بينما كانتْ السّيّدة الْعجوز تُريدُ إعْدادَ الْعَشاء لنفسها. لم تتمكّن الْعجوز من الإنحناء وجمع الْحبّات فهي إمرأة مُسِنّة ووحيدة. لم تعُد صحّتها تساعدُها في أداء كلّ وظائف الْمنزل فتركتها مُبعثرة على الْأرض وأوصدت باب الْمطبخ وسارت إلى غرفة الْجلوس.


تناهت إلى مسمعها أصوات غريبة آتية من ناحية الْمطبخ، لم تأبه لها في بادئ الأمر، فأطفأت التّلفاز وتوجّهت إلى غرفة نومها.
تعالت تلك الْأصوات الْغريبة والضّحكات، انتابها بعض الْخوف فأمسكت بعصاها وتوجّهت بخطى بطيئة إلى الْمطبخ وإذا بها أمام مشهد لا يُصدّق، إذ رأت مجموعة من الْفتيات الْجميلات بثياب زاهية ووجوه مشرقة مُنهمكات بغسل الصّحون وترتيب أغراض الْمطبخ.
أجفلتها المفاجأة فصاحت: “مَن أنتُنَّ؟ وكيف دخلتُنَّ إلى منزلي؟”
ردّت إحداهنّ ضاحكة: “نحن حبّاتُ الْحنطة أيّتُها السّيّدة الطّيّبة، ومُنذ هذه اللّحظة سنكون إلى جوارك ونقوم بكلّ أعمال الْمنزل.
قالت أخرى: “سنغسل ثيابك، ونُعدّ لكِ أشهى المأكولاتِ، ونُشاركك الْأفراح والْأحزان”.
لم تُصدّق الْعجوز ما رأت وسمعت. فركت عينيها وتمتمت بصوتٍ مسموعٍ: “هل أنا في حُلم أم يقظة؟!”
“كلاّ أيّتها السّيّدة الْعزيزة لستِ في حُلم” قالتها الفتيات ضاحكات.


“ما عليك الْٱن سوى الْجُلوس وسنُعدّ لك ألذّ طعام”.
في غضون لحظات كانت الْمائدة جاهزة على نحو جميل. سألت السّيّدة الْفتيات عن أسمائهنّ.
قالت إحداهنّ: “أنا صدقة، وهذه رحمة، وتلك رأفة وهذه طيبة”.
تذكّرت الْعجوز كيف كانت تمدّ يد الْعون للفقراء والْمعوزين وكيف تُغدق حبّها وعطفها على الْأيتام.


اغرورقت عيناها بدموع الْفرح، شكرت الْفتيات على حسن صنيعهنّ وعلى الْعشاء اللّذيذ.
قامت الْفتيات برفع الأطباق وغسلها وترتيب الْمنزل وتعطيره.
“والْٱن أيّتها السّيّدة الْعزيزة علينا الْعودة إلى علبتنا، نامي بهدوء وسكينة وفي الصّباح سنكون رهن إشارتك”.