الزَّرَافَةُ آكلة السَّمَك “قصة للأطفال” بقلم: خلود الشّاوي
من قصص الأطفال:
الزَّرَافَةُ آكلة السَّمَك
بقلم: خلود الشّاوي
استغلَ الدبُ دودو فترةَ نومَ أُمهِ وراحَ يلعبُ في الغابةِ الواسعةِ فضلَّ طريقهُ فِيهَا، حَتَى سَمِعَ عوَاءَ الذئبِ! فأخذَ يَركضُ خَوفاً مِنهُ، حَتَى سَقَطَ فِي النَّهرِ. فظلَّ يَصرخُ بصوتٍ عالٍ طالباً النجدة.
سَمِعَتهُ الزَّرَافةُ، فأسرعتْ لإنقاذِهِ، مدتْ رقبتَهَا الطويلة وانتشلتهُ مِنَ النَّهرِ.
سَألتهُ الزَّرافةُ بعدما اطمأنتْ عليه: حبيبي… ما الذي جاء بكَ في هذا الوقت المتأخر؟
دودو: أوصتني أمَّي ألاّ أبتعد عنها، لكني لم أسمعْ كلامَها، فانتَهزتُ فترةَ نومها واتجهتُ إلى النّهر، لعلي أصطادُ سمكةً، فهرعتُ خوفاً مِنْ عواءِ الذئبِ فسقطتُ فِي النَّهرِ.
الزَّرَافةُ: حَسَنَاً يَا صَغِيرِي، سأصحَبُكَ مَعِي حيثُ صَغِيرِي فُوفُو.
– بَعدَما عادتْ الزَّرافةُ والدبُّ الصغيرُ إلى البِيتِ،
سَألهَا فُوفو: أُمي هل جلبتِ لِي أخاً؟ لكنَّ هَذا لا يَشبَهُنِي…؟!
أجابت الزَّرافةُ ضاحكة: لا يا بنيّ، هذا دبٌّ صغيرٌ، أنقذتهُ مِن الغرقِ، سَيبقى مَعَنَا حَتى نَجِدَ أُمَه.
قَالَ فُوفُو بِفَرحٍ: أهلاً وسهلاً بِكَ، سَنلعبُ معاً ونأكلُ معاً وننامُ معاً.
عاشَ الدبُّ الصغيرُ معهما مدةً مِن الزَّمنِ، كلّمَا شَعَرَ بالجوعِ، ذهبتْ الزَّرافةُ الى النهرِ وجاءتْ لهُ بسمكةٍ.
أرادَ الذئبُ اصطيادَ صغيرَ الزَّرافةِ، لكنًّهُ كان يخافُ مِنهَا، لأنَّها قويةٌ، فراحَ يُدبرُ لها مكيدةً مَعَ الثعلبِ المكارِ.
فذهبا إلى الأسد وهما يَصرُخَانِ!
فَقَالَ الأسدُ: ما بِكُمَا؟ ولِمَاذا هَذا الصُرَاخ؟!
قالَ الثعلبُ: أترضى بما تقومُ بِهِ الزَّرافةُ؟
الأسدُ: ما الذي فعلتْهُ؟!
الذئب: إنَّها تَتَجاوزُ على طعامِ الآخرينَ وبدأتْ بأكلِ السَّمكِ؟
الأسدُ: ماذا…! تأكل السَّمكَ؟! أنتما تكذبان! الزَّرافةُ لا تأكل السَّمكَ! بل تأكل النباتاتِ.
الثعلبُ: ألم أقلْ لكَ لن يُصدقَنا…! (وهو ينظرُ إلى الذّئِبِ).
الأسد: وما دليلكما على ذلك؟
الذّئبُ: اذهبْ إلى النَّهرِ وشاهدهَا بأمِ عينيك.
إذا بقى التجاوزُ على طعامِ الآخرين، فلن يبقى لنَا طعامٌ بَعدَ اليومِ.
الأسدُ: حَسناً… سَوفَ نَلتَقِي غدا عِنْدَ النَّهر، بَلّغ الحيواناتِ. لِيكوُنوا شهوداً على مَا تَفعلهُ الزَّرافةُ.
– فِي صَبَاحِ اليومِ التالي اختبأت بعضُ الحيواناتِ قربَ النَّهرِ بأمرٍ مِن الأسدِ، ليَشهَدوا سَرِقةَ الزَّرافةِ للسمكِ. وبالفعل مدت الزَّرافةُ رقبتَهَا الطويلةَ واصطادَتْ سمكةً واذا بالجميعِ يصرخُ، إنها لصةٌ! تسرقُ طعامَ الأخرين! اقبضوا عليها.
تفاجأت الزَّرافة وقالت: أنا لستُ سارقةً…! بل أنا اصطادَهُ لدودو الصغير.
الأسدُ: أنتِ كاذبةٌ، هيا اطردوها من الغابةِ.
فَرِحَ الثعلبُ والذئبُ لنجاحِ الخطةِ، تركا جموعَ الحيواناتِ وهرولا لمكانِ الصغيرين وانقضا عليهما، فلاذ الصغيران بالفرارِ والصراخِ.
– سَمِعتْ الدبةُ الأمُ صوتَ صغيرهَا فهمَّتْ مسرعةُ إلى مكانِ الصراخِ ، فوجدتْ الصغيرين يركضان ويلهثان ويرتجفان من شدةِ الخوفِ، صاحتْ الدَّبةُ بصوت عالٍ، اغربوا أيُّها الأوغاد، سأمزقُكم إرباً. ثم وقفتْ على قائمتها وأخرجتْ مخالبَها وأنيابَها المخيفة، فلاذ الذئبُ والثعلب بالفرار.
فَرِحَ الدبُّ الصغيرُ بلقاءِ أُمه وحَضَنها قائلاً: – اشتقتُ لكِ كثيراً أُمِّي الحبيبة… أعتذرُ لأنني لم أسمعْ كلامَكِ، انظري! هذا صديقي فوفو، أُمهُ أنقذتْنِي مِن الغرقِ.
الدبَّة: أهلاً وسهلاً بِكَ حَبِيِبي. دَعْنِي أشكرُ والدتَك، أينَ هِي؟
دودو: ذهبتْ إلِى النَّهر لِتجلبَ لِي سمكةً فأنا جائعٌ.
الدُبَّةُ: إذن لنذهبَ إلِى النَّهر كي نشكرها معاً. وفي طريقهم إلى النَّهر وجدوا حشوداً مِن الحيواناتِ يصرخون إنها ساَرقة! اطردوها من الغابةِ!
– شقَّتْ الدُبَّةُ طريقَها بينَ حشودِ الحيواناتِ وشاهدت الزَّرافة مطأطئة الرأس باكيةً على حالِها وتقول: أنا لا آكلُ السمكَ، هذه السمكةُ لدودو.
ظنَّ الجميعُ أن دودو هو صغيرُالزَّرافةِ! لكنَّ الدُبَّةَ الأم وضّحتْ الأمر وقالت: توقفوا لا تظلموها، بل اشكروها لحسن صنيعها مع صغيري، أنقذتهُ من الجوعِ فهي تصطادُ السَّمكَ لِصغيري وليسَ لهَا.
إيُّها الأسد، لا تصدقْ كلَّ ما تراهُ واحكمْ بالعدلِ، بعدَ أن تتبينَ الأمرِ.
زأرَ الأسدُ غضباً على الذئبِ والثعلبِ وطردَهما مِن الغابةِ، وعادتْ الزَّرافةُ لصغيرِها الحبيبِ.
—–