أركان على متن الطّائرة “قصة مصورة للأطفال من قصص سلسلة زهرة الثالوث” بقلم ورسوم: كريمة الغربي
أركان على متن الطّائرة
بقلم ورسوم: كريمة الغربي
تدقيق: د. علياء الدّاية
تم نشر القصة ضمن: العدد السابع من “مجلة غيمة الفصليّة للأطفال واليافعين”
اليَوْمَ سَيَنْتَقِلُ أَرْكَان مِنَ المَلْجَأ الَّذِي قَضى فِيهِ أُسْبُوعَيْن. وَدَّعَ أَصْدِقَاءَهُ وَحَضَّرَ حَقِيبَتَهُ وَرَافَقَهُ وَالِدُهُ إِلَى المَطَارِ.
أَقْلَعَت الطَّائِرَةُ، وَبَيْنَمَا هِيَ تَطِيرُ بَيْنَ الغُيُومِ ارْتَجَّتْ ارْتِجَاجًا خَفِيفًا. شَعَرَ الرُّكَّابُ بِالمَطَبِّ الهَوَائِيِّ المُفَاجِئِ وَأَعْرَبَ كُلُّ بِطَرِيقَتِهِ عَنْ قَلَقِهِ. كَانَ بِجَانِبِ أَرْكَانَ حِينَئِذٍ كَهْلٌ فِي الثَّامِنَةِ وَالخَمْسِينَ، مُتَمَسِّكًا بِالمَقْعَدِ وَجِلاً يَضَعُ بِاسْتِمْرَارٍ يَدَهُ عَلَى خَدِّهِ مُحَمْلِقًا بِأَرْكَانَ حِينًا وَمُطِلاًّ مِنَ النَّافِذَةِ الصَّغِيرَةِ أُخْرَى وَهْوَ لَا يَنْفَكُّ يُتَمْتِمُ بِأَذْكَارٍ مُتَقَطِّعَةٍ وَمُتَدَاخِلَةٍ.
أَرْكَان هَادِئٌ يَرْسُمُ، يُلَوِّنُ وَيَحُلُّ أُحْجِيَةً بِكِتَابٍ.
بَعْدَ سَاعَتَيْنِ، حَطّتِ الطَّائِرَةُ بِسَلاَمٍ وَخَرَجَ المُسَافِرُونَ أَفْوَاجًا أَفْوَاجَا. الْتَقَى الكَهْلُ بِالصَبِيِّ عَلى دَرَجِ النُّزولِ، أَرْكَانْ يَنْتَظِرُ قُدُومَ جَدِّهِ لِكَيْ يَصْطَحِبَهُ إلى البَيْتِ الجَدِيدِ.
سَأَلَهُ الرَّجُلُ بَعْدَ التَحِيَّةِ: ما شاء الله! كَيْفَ بَقِيتَ عَلَى هُدُوءِكَ وَطُمَأْنِينَتِكَ وَالكُلُّ مِنْ حَوْلِكَ انْتَابَهُمُ الخَوْفُ والذُّعْرُ؟
فَأَجَابَ: أَبِي هُوَ الطَيَّارُ وَقَدْ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّنِي وِسْعَ السَّمَاءِ وَأنَّهُ سَيَهْبِطُ بِي بِسَلاَمٍ.
الحُبُّ هُوَ الثِّقَةُ وَالأَمَانُ. اِبْتَسَمَ المسافر وقال: جَمِيلٌ أَنْ يُوجَدَ شَخْصٌ تُحِبُّهُ وَيُحِبُّكَ فَتَثِق أَنَّهُ لَنْ يَخْذُلَكَ أَبَدًا! وَالأجْمَلُ ثِقَتُكَ فِي الله سُبْحَانَهُ.
من دُعَاءِ المُسَافِرِ:
الله أكبر (ثلاثا)، سُبْحَانَ الّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرَنِين وإِنَّا إلى ربِّنَا لَمُنْقَلِبُون”. بِسْمِ الله، توكَّلْتُ عَلَى الله وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِالله.
عِنْدَمَا يُسَافِرُ أَحَدٌ أَقُولُ لَهُ: “ﺃَﺳْﺘَوْﺩﻉ اﷲ ﺩِﻳنَك، وَﺃَﻣَﺎﻧَتَكَ، وَﺧَوَﺍﺗِيمَ ﻋَﻤَلِكَ فَيَدْعُو لِي: “ﺃَﺳْﺘَوْﺩِﻋُكُمُ اﷲ ﺍلَّذِﻱ ﻻَ ﺗَﻀِﻴﻊُ وَدَﺍﺋِﻌُﻪُ”.